كما جاء فى الحديث القدسي «كنت كنزا مخفيا فأردت أن أعرف ، فخلقت الخلق فبى عرفونى».
(وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أي ولكن أكثر هؤلاء المشركين بالله لا يعلمون ذلك ، فهم لا يخافون من سخطه عقوبة لهم على ما اجترحوا من السيئات ، ولا يرجون ثوابا على خير فعلوه لتكذيبهم بالميعاد والعودة إلى دار أخرى بعد هذه الدار.
وخلاصة ما تقدم ـ إن هؤلاء لقلة تدبرهم لا يعتقدون أن الأمر كذلك ، وهم واهمون فيما يظنون ، إذ لو لم توجد دار للجزاء لما امتاز مطيع من عاص ، ولا محسن من مسىء ، والعقل قاض بغير هذا.
ثم أكد ما سلف بقوله :
(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ) أي إن هذا اليوم الذي يفصل الله فيه بين خلقه ، فيحق الحق ، ويبطل الباطل ، لآت لا محالة وهو وقت حسابهم ، وجزائهم على ما كسبت أيديهم من خير أو شر.
ونحو الآية قوله : «لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ» وقوله : «إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً».
م وصف أهوال هذا اليوم فقال :
(يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) أي إن هذا يوم تنقطع فيه الأسباب بابن آدم فلا تنفع الناس إلا أعمالهم ، فمن أصاب خيرا فى دنياه سعد به ، ومن أصاب شرا شقى به ، ولا يغنى القريب عن القريب ، ولا يدفع عنه شيئا من عذاب الله ، ولا يجد الناصر الذي يقيه ذلك العذاب.
وقصارى ذلك ـ لا يفيد المؤمن الكافر ولا ينصره ولو كان بينهما فى الدنيا علقة من قرابة أو صداقة أو غيرهما.