(وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) أي فالويل أشد الويل ، والعذاب أقسى العذاب ، لكل كذاب فى قوله ، أثيم فى فعله.
وبعد أن وصف هذا الأفاك بالإثم أولا ، أتبعه بوصفه بالاستكبار عن سماع الآيات فقال :
(يَسْمَعُ آياتِ اللهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها) أي إذا سمع آيات الله تقرأ عليه ، وهى مشتملة على الوعد والوعيد ، والإنذار والتبشير ، والأمر والنهى ، والحكم والآداب ، أصرّ على الكفر بها ، وجحدها عنادا كأنه ما سمعها.
ثم أوعده على ما فعل عذابا أليما فى نار جهنم فقال :
(فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) أي فبشره أيها الرسول بالعذاب المؤلم الموجع فى جهنم وبئس القرار.
وفى تسمية هذا الخبر المحزن بشرى ، وهى لا تكون إلا فى الأمر السار ـ تهكم بهم ، واحتقار لشأنهم ، فهو من وادي قوله للكافر «ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ» وقول الشاعر :
تحية بينهم ضرب وجيع
نزلت الآية فى النضر بن الحارث وكان يشترى أحاديث الأعاجم ، ويشغل بها الناس عن استماع القرآن ، وهى عامة فى كل من كان صادّا عن الدين مستكبرا عن اتباع هدايته.
(وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً) أي وإذا وصل إليه خبرها ، وبلغه شىء منها ، جعلها هزوا وسخرية ، فقد روى أن أبا جهل حين سمع قوله تعالى «إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ» دعا بتمر وزبد وقال لأصحابه : تزقّموا من هذا ، ما يعدكم محمد إلا شهدا ، وحين سمع قوله «عليها تسعة عشر» أي على النار قال : إن كانوا تسعة عشر فأنا ألقاهم وحدي.