قال قتادة : كان يقال : خير الرزق ما لا يطغيك ولا يلهيك.
وبعد أن بين أنه لا يعطى عباده ما زاد على حاجتهم ، لأنه يعلم أن الزيادة تضرهم فى دينهم ـ ذكر أنهم لو احتاجوا إلى الغيث فهو لا يمنعه عنهم فقال :
(وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) أي وهو الذي ينزل المطر من السماء فيغيثهم به من بعد يأسهم من نزوله حين حاجتهم إليه ، وينشر بركات الغيث ومنافعه وما يحصل به من الخصب ، وهو الذي يتولى عباده بإحسانه ويحمد على ما يوصله إليهم من رحمته.
قال قتادة : ذكر لنا أن رجلا قال لعمر بن الخطاب رضى الله عنه : قحط المطر وقنط الناس يا أمير المؤمنين ، فقال عمر : مطرتم ثم قرأ الآية.
ثم أقام الأدلة على ألوهيته فقال :
(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ) أي ومن دلائل عظمته وقدرته وسلطانه القاهر ـ خلق السموات والأرض وما نشر فيهما من دابة تدبّ وتتحرك ، وهذا يشمل الملائكة والإنس والجن وسائر الحيوان على اختلاف أشكالهم وألوانهم.
(وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) أي وهو يجمعهم يوم القيامة ، فيجمع الأولين والآخرين وسائر الخلائق فى صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر ، ثم يحكم بينهم بحكمه العدل وهو اللطيف الخبير.
وقصارى ذلك ـ إنه قدير على جمع ما بث فيهما من دابة إذا شاء جمعه ، كما لم يتعذر عليه خلقه وتفريقه.
ثم ذكر دستورا للناس فى أعمالهم إذا تأملوه أفعلوا عما يرتكبونه من الآثام فقال :
(وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) أي وما يحل بكم أيها الناس من المصايب فى الدنيا ، فإنما تصابون به عقوبة لكم على ما اجترحتم