أي وإذا بشر أحد هؤلاء بما نسبوه لله من البنات أنف وعلته الكآبة والحزن من سوء ما بشر به وتوارى من القوم خجلا.
روى أن بعض العرب وضعت امرأته أنثى فهجر البيت الذي ولدت فيه فقالت :
ما لأبى حمزة لا يأتينا |
|
يظلّ فى البيت الذي يلينا |
غضبان ألا نلد البنينا |
|
وليس لنا من أمرنا ماشينا |
وإنما نأخذ ما أعطينا
ثم كرر الإنكار وأكده فقال :
(أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ) أي أو قد جعلوا لله الأنثى التي تتربى فى الزينة ، وإذا خوصمت لا تقدر على إقامة حجة ولا تقرير دعوى ، لنقصان عقلها وضعف رأيها؟ وما كان ينبغى لهم أن يفعلوا ذلك.
وفى قوله (يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ) إيماء إلى ما فيهنّ من الدعة ورخاوة الخلق بضعف المقاومة الجسمية واللسانية ، كما أن فيه دلالة على أن النشوء فى الزينة ونعومة العيش من المعايب والمذامّ للرجال ، وهو من محاسن ربات الحجال ، فعليهم أن يجتنبوا ذلك ويأنفوا منه ويربئوا بأنفسهم عنه ، قال شاعرهم :
كتب القتل والقتال علينا |
|
وعلى الغانيات جرّ الذيول |
وروى عن عمر أنه قال : «اخشوشنوا فى الطعام ، واخشوشنوا فى اللباس ، وتمعددوا» أي تزيّوا بزىّ معدّ فى تقشفهم.
(وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) أي سموهم وحكموا لهم بذلك ، وفى هذا كفر من وجوه ثلاثة :
(١) إنهم نسبوا إلى الله الولد.
(٢) إنهم أعطوه أخس النصيبين.
(٣) إنهم استخفوا بالملائكة بجعلهم إناثا.