ثم أخبر بأن لا معبود فى السماء ولا فى الأرض سواه ، وهو الحكيم العليم بكل شىء وأن من يعبدونهم لا يشفعون لهم حين الجزاء والحساب ، ثم ذكر أن أقوالهم تناقض أفعالهم ، فهم يعبدون غير الله ، ويقولون إن الخالق للكون : سمائه ، وأرضه هو الله ، ثم أردف هذا أنه لا يعلم الساعة إلا هو ، وأنه يعلم شديد حزنك على عدم إيمانهم ، وعدم استجابتهم لدعوتك ، ثم ختم السورة بأمر رسوله بالإعراض عنهم وتركهم وشأنهم ، سيأتى اليوم الذي يلقون فيه الجزاء على سوء صنيعهم.
الإيضاح
(قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) أي قل لهم : إن ثبت ببرهان صحيح توردونه ، وحجة واضحة تدلون بها ـ أن للرحمن ولدا ، كنت أسبقكم إلى طاعته ، والانقياد له ، كما يعظّم الرجل ابن الملك تعظيما لأبيه ـ ولا شك أن هذا أبلغ أسلوب فى نفى الولد ، كما يقول الرجل لمن بناظره ويجادله : إن ثبت ما تقول بالدليل فأنا أول من يعتقده ويقول به ، وهذا ما اختاره ابن جرير ورجحه.
وخلاصته ـ إذا كنت لم أعترف بولد ، بدليل أنى لم أعبده مع أنى أقرب الناس إلى الله ، فالولد لا وجود له حتما ـ وكأنه يقول : إن انتفاء الولد مرتب على انتفاء عبادته ، لما علم من أنه إذا انتفى اللازم لشىء انتفى ذلك الشيء ، كما استدل بعدم فساد نظام الكون على وحدانية الله فى قوله : «لَوْ كانَ فِيهِما ـ السماوات والأرض ـ آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا».
ثم نزه سبحانه نفسه فقال :
(سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) أي تنزه مالك السموات والأرض وما فيهما من الخلق ، ورب العرش المحيط بذلك كله ـ عما يصفه