أي بموكول إليك أمورهم حتى تؤاخذهم بها ولا وكل إليك هدايتهم ، وإنما عليك البلاغ فحسب.
المعنى الجملي
بين سبحانه أن ما جاء فى هذه السورة موافق لما فى تضاعيف الكتب المنزلة على سائر الرسل ، من الدعوة إلى التوحيد ، والإيمان باليوم الآخر ، والتزهيد فى جمع حطام الدنيا ، والترغيب فيما عند الله ، ثم ذكر أن ما فى السموات والأرض فهو مهلكه وتحت قبضته ، وله التصرف فيه إيجادا وإعداما وتكوينا وإبطالا ، وأن السموات والأرض على عظمهما تكاد تتشقق فرقا من هيبته وجلاله سبحانه ، وأن الملائكة ينزهونه عما لا يليق به من صفات النقص ، ويطلبون المغفرة لعباده المؤمنين ، ثم أردف هذا تسلية رسوله صلّى الله عليه وسلّم بأنه ليس بالرقيب على عبدة الأصنام والأوثان يستطيع أن يردهم إلى سواء السبيل ، بل ليس عليه إلا البلاغ وعلينا حسابهم ، فلا يبخع نفسه عليهم حسرات ، إن الله عليم بما يصنعون.
الإيضاح
(كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي بمثل ما فى هذه السورة ، من الدعوة إلى التوحيد ، والنبوة ، والإيمان باليوم الآخر ، وتجميل النفس بفاضل الأخلاق ، وإبعادها عن رذائل الخلال ، والعمل على سعادة المرء والمجتمع ، يوحى إليك الله العزيز فى ملكه ، الغالب بقهره ، الحكيم بصنعه ، المصيب فى قوله وفعله ، كما أوحى إلى الأنبياء بمثله من قبلك.
وسيأتى تفصيل هذا فى سورة «سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى» فقد ذكر فى أولها التوحيد ، وفى وسطها النبوة وفى آخرها المعاد. ثم قال : «إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى. صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى» أي إن المقصود من إنزال جميع الكتب الإلهية ليس إلا هذه