روى أن النبي صلّى الله عليه وسلّم ذكر الساعة وعنده قوم من المشركين فقالوا متى الساعة؟ استهزاء بها ، وتكذيبا لمجيئها ، فأنزل الله الآية ، ويدل على ذلك قوله :
(يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها) استعجال استهزاء وإنكار ، وكانوا يقولون متى هى؟ ليتها قامت حتى يظهر لنا ، أنحن على الحق فنفوز بالنجاة ، أم محمد وأصحابه فنكون من الخاسرين؟
وبعد أن بين حال المشركين فى شأنها ذكر حال المؤمنين بها فقال :
(وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ) أي والذين آمنوا خائفون منها وجلون من مجيئها ، لأنهم لا يدرون ما الله فاعل بهم ، وهم موقنون أنهم محاسبون ومجزيون على أعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، كما أنهم يعلمون علم اليقين أن مجيئها حق لا ريب فيه ، فهم يستعدون له ويعملون من أجله.
ونحو الآية قوله : «وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ».
روى «أن رجلا سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بصوت جهورى وهو فى بعض أسفاره فقال يا محمد : فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بنحو من صوته (هاؤم) فقال له متى الساعة؟ فقال له : إنها كائنة فما أعددت لها؟ فقال حب الله ورسوله ، فقال صلّى الله عليه وسلّم : أنت مع من أحببت».
ثم بين ضلال الممارين فيها فقال :
(أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) أي ألا إن الذين يجادلون فى وجودها ، ويدفعون وقوعها ، لفى جور عن طريق الهدى ، وزيغ عن سبيل الرشاد ، وبعد من الصواب ، لأن الذي خلق السموات والأرض قادر على إحياء الموتى كما قال : «وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ».