به المشركون كذبا ، وعما ينسبون إليه من الولد ، إذ كيف تكون هذه العوالم كلها ملكا له ، ويكون شى منها جزءا منه ، تعالى ربنا عن ذلك علوّا كبيرا.
ولما ذكر الدليل القاطع على نفى الولد أمره أن يتركهم وشأنهم فيما يقولون فقال :
(فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) أي فاترك أيها الرسول هؤلاء المفترين على الله ، الواصفيه بأن له ولدا ، يخوضوا فى باطلهم ، ويلعبوا فى دنياهم حتى يأتى ذلك اليوم الذي لا محيص عنه ، وحينئذ يعلمون عاقبة أمرهم ، ويذوقون الوبال والنكال جزاء ما اجترحوه من الشرك والآثام.
ولا يخفى ما فى هذا من شديد الوعيد والتهديد.
ثم أكد هذا التنزيه فقال :
(وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) أي وهو الله الذي يعبده أهل السماء وأهل الأرض ، ولا تصلح العبادة إلا له ، وهو الحكيم فى تدبير خلقه وتسخيرهم لما يشاء ، العليم بمصالحهم ، فالحكمة المقترنة بالعلم تخللت كل رطب ويابس وجليل وحقير ، فمن يشاهد إتقان العالم وحسن تنسيقه وإبداعه يجد الحكمة فيه على أتم وجوهها ، ويعجب مما فيه من جمال وكمال ويدهش لما يجد فيه من غرائب يحار فيها اللب ، فأفردوا له العبادة ، ولا تشركوا به شيئا سواه.
(وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) أي وتقدس خالق السموات والأرض وما فيهما من عوالم لا ندرى كنهها ولا نعلم حقيقتها ، المتصرف فيهما بلا مدافعة ولا ممانعة من أحد ، وهو العلى العظيم الذي بيده أزمّة الأمور نقضا وإبراما.
(وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) أي وعنده العلم بميقات الساعة لا يجلّيها لوقتها إلا هو.
(وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) أي وإليه المرجع فيجازى كل أحد بما يستحق ، إن خيرا فخير ، وإن شرافشر.
(وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أي ولا تقدر الأصنام والأوثان التي يعبدونها على الشفاعة لهم كما زعموا أنهم شفعاء عند ربهم ،