ثم بين سبحانه أن من شأنه المغفرة والرحمة لعباده فقال :
(أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) فما من مخلوق إلا له حظ من رحمته ، وهو سبحانه ذو مغفرة للناس على ظلمهم.
وفى الآية إيماء إلى قبول استغفار الملائكة ، وهو يزيد على ما طلبوه من المغفرة ، الرحمة بهم ، وتأخير عقوبة الكافرين والعصاة نوع من المغفرة والرحمة ، لعلهم يرعوون عن غوايتهم ، ويثوبون إلى رشدهم ، وينيبون إلى ربهم.
ثم أبان وظيفة الرسل فقال :
(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) أي والمشركون الذين اتخذوا آلهة من الأصنام والأوثان يعبدونها ـ الله هو المراقب لأعمالهم ، المحصى لأفعالهم وأقوالهم ، المجازى لهم يوم القيامة على ما كانوا يفعلون ، ولست أنت أيها الرسول بالحفيظ عليهم ، إنما أنت نذير تبلغهم ما أرسلت به إليهم ، إن عليك إلا البلاغ وعلينا الحساب ، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات فإنك لست بمدرك ما تريد من هدايتهم إلا إذا شاء ربك.
(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧) وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٨))
تفسير المفردات
الإنذار : التخويف : وأم القرى : مكة ، ويوم الجمع يوم القيامة : سمى بذلك لاجتماع الخلائق فيه كما قال تعالى : «يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ» والفريق : الجماعة ، والسعير : النار المستعرة الموقدة.