ونحو الآية قوله : «وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ».
(لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ) أي لا خصومة بيننا ولا احتجاج ، فإن الحق قد وضح ، وليس للمحاجة مجال ، فما المخالف إلا معاند أو مكابر ، وسيأتى الوقت الذي يستبين فيه الحق ، ويتضح سبيل الرشاد ، وإلى ذلك أشار بقوله :
(اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا) أي الله يجمع بيننا يوم القيامة ، فيقضى بيننا بالحق فيما اختلفنا فيه.
ونحو الآية قوله : «قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ».
(وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) أي وإليه المرجع والمعاد بعد مماتنا يوم الحساب ، فيجازى كل نفس بما كسبت «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ».
وهذه الأوامر والنواهي وإن وجهت فى الظاهر إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم فهى له ولأمته كما هى القاعدة : أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر لأمته إلا إذا ورد دليل على التخصيص.
(وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (١٦) اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (١٧) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (١٨))