فالدلالة فيها أيضا ليس من مجرّد الأمر ، بل السياق والمقام أيضا قرينتان على الوجوب.
ويدلّ عليه أيضا معتبرة أبي بصير ، عن الصادق عليهالسلام : عن رجل يصلّي الصبح فلمّا جلس في الركعتين قبل أن يتشهّد رعف ، قال : «فليخرج وليغسل أنفه ثمّ ليرجع فليتمّ صلاته ، فإنّ آخر الصلاة التسليم» (١).
وفي «الذخيرة» أجاب بأنّه ـ بعد الإغماض عن السند ـ كون آخر الصلاة هو التسليم لا يقتضي وجوبه ، مع أنّ الغاية قد تكون خارجة (٢).
ولا يخفى أنّ السند لا غبار عليه إلّا من جهة عثمان بن عيسى ، وهو ممّن أجمعت العصابة (٣) ، وغير ذلك ممّا ذكرنا في ترجمته (٤) مع انجبارها بفتوى الأكثر ، وغير ذلك ممّا مرّ.
وسيجيء تعليل الأمر بالتشهّد بكون آخر الصلاة التسليم ، ظاهر في كون المراد أنّ آخر المأمور به هو التسليم لا آخر المستحبّات ، لعدم المناسبة ، بل مضرّ لأنّ المستحبّ يجوز تركه ، فيلزم منه كون التشهّد أيضا كذلك.
وأيضا ليس مرادي من التشهّد هنا ما هو في مقابل التسليم ، بل ممّا يعمّ التسليم قطعا ، كما هو أحد إطلاقاته ، وهو المراد من قوله عليهالسلام : «فيتمّ صلاته» ، لأنّ التسليم من متمّمات الصلاة قطعا ومسلّم عندك. وينادي به قوله عليهالسلام : «فإنّ آخر الصلاة التسليم» ، فالدلالة على المطلوب في هذه المعتبرة أيضا من وجوه :
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٢٠ الحديث ١٣٠٧ ، الاستبصار : ١ / ٣٤٥ الحديث ١٣٠٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٤١٦ الحديث ٨٣١٣.
(٢) ذخيرة المعاد : ٢٩٠.
(٣) رجال الكشي : ٢ / ٨٣١ الرقم ١٠٥٠.
(٤) تعليقات على منهج المقال : ٢١٨.