والجمع بين استقبال القبلة وكون التسليم عن يمين وعن شمال ، إنّما يتحقّق بالإيماء بصفحة الوجه أو مؤخّر العينين ، ولعلّ اختيار الصفحة فيهما من جهة ما ظهر من الأخبار ، من كون كلّ منهما يسلّم على الآخر ، فلا بدّ أن يصير الإيماء بالصفحة حتّى يظهر على الآخر في الجملة أنّه يسلّم عليه ، أو يردّ عليه.
وأمّا المنفرد فيكفيه مؤخّر العين ، لما مرّ في رواية المفضّل (١) ، فتأمّل!
والجمع بين الاستقبال ، وكونه عن يمين وشمال ، بجعل أوّل التسليم إلى القبلة وآخره إلى اليمين أو الشمال فاسد ، كما لا يخفى.
وعن ابن الجنيد أنّ الإمام إن كان في صفّ سلّم عن جانبيه (٢) ، وهو خلاف ما يظهر من الإطلاقات ، إلّا أن يحمل على الشائع.
وفي صحيحة أبي بصير قال : قال الصادق عليهالسلام : «إذا كنت في صفّ فسلّم تسليمة عن يمينك وتسليمة عن يسارك ، لأنّ عن يسارك من يسلّم عليك ، فإذا كنت إماما فسلّم تسليمة واحدة وأنت مستقبل القبلة» (٣).
لا يقال : المستفاد من رواية أبي بصير السابقة ، وغيرها من الروايات أنّ «السلام عليكم» إذا كان بعد «السلام علينا» إنّما هو للإيذان والإذن ، وسلام الانصراف وجوابه وردّه ، فلا مانع من بقاء الأمر فيه على الوجوب ، وإن وقع الخروج عن الصلاة بالسلام علينا ، كما اختاره المصنّف (٤).
لأنّا نقول : عرفت عدم الوجوب بعد «السلام علينا».
فإن قلت : لعلّ عدم الوجوب إنّما يتمّ بالنسبة إلى المنفرد ، لصحيحة أبي
__________________
(١) مرّ آنفا.
(٢) نقل عنه الشهيد في ذكرى الشيعة : ٣ / ٤٣٤.
(٣) الكافي : ٣ / ٣٣٨ الحديث ٧ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٤١٩ الحديث ٨٣٢٣ مع اختلاف يسير.
(٤) مفاتيح الشرائع : ١ / ١٥٢.