بصير السابقة ، ولوجوب ردّ التحيّة الثابت من الكتاب والحديث.
قلت : الظاهر ممّا دلّ على عدم الوجوب العموم ، مع أنّه ورد في صحيحة الفضلاء ـ زرارة ومحمّد بن مسلم ومعمّر بن يحيى وإسماعيل ـ عن الباقر عليهالسلام قال : «يسلّم تسليمة واحدة إماما كان أو غيره» (١).
ويدلّ عليه أيضا الموثّق الطويل وغيره (٢) ، ممّا ظهر منه اتّحاد حال الكلّ ، فلاحظ وتأمّل ، وبالتسليم الواحد يتحقّق ردّ التحيّة على الكلّ.
وفي «الفقيه» : جعل على المأموم ثلاث تسليمات : واحدة تجاه القبلة ردّا على الإمام ، ثمّ قال : وعلى يمينك واحدة ، وعلى يسارك واحدة ، إلّا أن لا يكون على يسارك إنسان ، فلا تسلّم على يسارك ، إلّا أن يكون بجنب الحائط ، فتسلّم على يسارك ، ولا تدع التسليم على يمينك ، كان على يمينك أحد أو لم يكن (٣) ، انتهى.
فلعلّ مراده من قوله : (إلّا أن يكون بجنب الحائط) ، أن يكون يمينك الحائط ويسارك المصلّي ، فتسلّم على يسارك ، وترك التسليم على اليمين ، إذ الحائط لا يسلّم عليه ، واكتفى بقول : تسلّم على يسارك ، عن إظهار كون الحائط على خصوص اليمين ، إذ لم يقل : وتسلّم على يسارك أيضا.
فيكون نظره في هذه الفتوى إلى رواية المفضّل السابقة (٤) ، إذ غير خفيّ أنّ الفتاوى التي ذكرها هنا مأخوذة من تلك الرواية ، فلاحظ وتأمّل!
والحاصل ، أنّ مراده عدم التسليم على اليسار ، ما لم يكن فيه أحد ، بخلاف
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٩٣ الحديث ٣٤٨ ، الاستبصار : ١ / ٣٤٦ الحديث ١٣٠٦ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٤٢٠ الحديث ٨٣٢٧.
(٢) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٩٣ الحديث ٨٢٦٥ ، ٤٢١ الحديث ٨٣٣١.
(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢١٠ ذيل الحديث ٩٤٤.
(٤) وسائل الشيعة : ٦ / ٤٢٢ الحديث ٨٣٣٧.