نعم ، جماعة كثيرة من العامّة قالوا بالوجوب في الخمس (١) ، حتّى أنّ جماعة كثيرة منهم قالوا بالوجوب على الأعيان (٢) ، بل قال بعض الحنابلة : إنّها شرط لو أخلّ بها بطلت الصلاة (٣).
فعلى هذا ، ظهر كون ما ذكره المصنّف وأمثاله واردا مورد التقيّة ، أو محمولا على غاية المبالغة ، أو أن يكون الترك رغبة عنها وعن جماعة المسلمين ، كما يستفاد من صحيحة زرارة والفضيل (٤) ، ورواية ابن أبي يعفور المرويّة في «التهذيب» (٥) ، وصحيحة ابن سنان عن الصادق عليهالسلام : «إنّ اناسا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أبطئوا عن الصلاة في المسجد ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ليوشك قوم يدعون الصلاة في المسجد أن نأمر بحطب [فيوضع على أبوابهم فتوقد عليهم نار] فتحرق [عليهم] بيوتهم» (٦).
مع أنّ ترك الجماعة مع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من دون عذر أصلا من خلال النفاق ظاهرا ، ويدلّ على ذلك أنّ النكرة في سياق النفي تفيد العموم البتّة ، فكيف بمجرّد ترك الجماعة تبطل جميع صلاته؟ حيث قال عليهالسلام : «لا صلاة له» ، فتأمّل جدّا!
ويؤيّده التقيّة ، لأنّ العامّة رووا كذلك ، وجعلوه دليلا على الوجوب.
وفي «المنتهى» حمل على المبالغة في الاستحباب ، واستشهد بأنّه لم يحرق بيت أحد من المتخلّفين ، بل اكتفى بالتهديد (٧) ، مع أنّها مخالفة للقرآن قال الله تعالى :
__________________
(١) عمدة القاري : ٥ / ١٥٩.
(٢) عمدة القاري : ٥ / ١٥٩ ، نيل الأوطار : ٣ / ١٥١.
(٣) نيل الأوطار : ٣ / ١٥١.
(٤) مرّ آنفا.
(٥) تهذيب الأحكام : ٦ / ٢٤١ الحديث ٥٩٦.
(٦) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٥ الحديث ٨٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٩٣ الحديث ١٠٧٠٣.
(٧) منتهى المطلب : ٦ / ١٦٨.