الصفوف ، لكن وقع الخلاف في حدّه.
فالأكثر إلى أنّه يرجع فيه إلى العادة ، ولعلّ مرادهم عادة المتشرّعة ، فيكون الدليل هو وفاقهم ، أو ما يثبت به الحقيقة الشرعيّة عندهم.
ولا يمكن جعل عادة الناس محكّما ؛ لأنّ الجماعة توقيفيّة من مستحدثات الشرع ، موقوف هيئتها على الثبوت من الشرع خاصّة بالبديهة.
وقيل : حدّه مع عدم اتّصال الصفوف ما يمنع من مشاهدته والاقتداء به (١).
وفي «المدارك» : ويظهر منه في «المبسوط» جواز البعد بثلاث مائة ذراع (٢).
قلت : هذا التحديد من الشافعي بالنسبة إلى خارج المسجد خاصّة (٣) ، والقول بعدم ما يمنع المشاهدة قول عطاء من العامّة (٤) ، ولعلّه لم يشاركه أحد من الخاصّة.
والأقوى ما اختاره المصنّف وغيره من المتأخّرين ، مثل صاحب «المدارك» وغيره (٥) ، موافقا لما اختاره أبو الصلاح وابن زهرة (٦) ، بل السيّد والكليني والصدوق أيضا (٧) ، من عدم جواز البعد بين المأموم والإمام ، أو بينه وبين الصفّ الذي تقدّمه بما لا يتخطّى ؛ لما عرفت من كون الجماعة توقيفيّة ، والثابت من الشرع هذا القدر ، وأمّا أزيد فلم يثبت.
وأيضا وجوب القراءة لا يسقط إلّا فيما يثبت سقوطها ، وأيضا القدر الثابت من فعل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام ، هو ما ذكر لا أزيد.
__________________
(١) الخلاف : ١ / ٥٥٩.
(٢) مدارك الأحكام : ٤ / ٣٢٢ ، لاحظ! المبسوط : ١ / ١٥٦.
(٣) مختصر المزني : ٢٣.
(٤) مختصر المزني : ٢٣.
(٥) مدارك الأحكام : ٤ / ٣٢١ و ٣٢٢ ، ذخيرة المعاد : ٣٩٣.
(٦) الكافي في الفقه : ١٤٤ ، غنية النزوع : ٨٨.
(٧) نقل عن السيد في المعتبر : ٢ / ٤١٦ ، الكافي : ٣ / ٣٨٥ الحديث ٤ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٣ الحديث ١١٤٤.