وتخصيص الجعل في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّما جعل الإمام» بخصوص الأفعال دون الأقوال الواجبة ، والقول بأنّ الأقوال لم يجعل لها الإمام ، فساده بديهي مخالف للأخبار أيضا ، بل تكبيرة الافتتاح أهمّ من الأفعال فيما ذكر عندهم ، كما ستعرف من تصحيحهم الصلاة في عدم المتابعة في الأقوال دون تكبيرة الافتتاح.
مع أنّ لفظ الإمام أيضا غير مختصّ معناه بخصوص الأفعال ؛ لأنّ معناه المقتدى به المقدّم مطلقا.
في الحديث المذكور وجوه من الدلالة على عدم التخصيص بالأفعال ، ولذا سلّم العموم في «المدارك» (١) ، مع تخصيصه وجوب المتابعة بالأفعال ، وكذا غيره (٢).
بل الدلالات المذكورة في غاية الظهور في عدم جواز المعيّة والمساوقة مع الإمام ، كما قلنا سابقا ، فضلا عن عدم المتابعة أصلا ؛ فإنّ المتبادر من لفظ الإمام هو المقدّم المقتدى به لا المساوي.
وفي العرف إذا قالوا : اقتدى زيد بعمرو لم يفهم منه إلّا أنّ عمروا فعل فعلا فلاحظه زيد ففعله من جهة أنّ عمروا فعله ، وكذا في قولهم : المؤتمّ به ويؤتمّ به ، بلا خفاء.
وينادي بذلك تفريعه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فإذا ركع فاركعوا» كما بيّناه سابقا ، مضافا إلى أنّ تكبيرة الإحرام داخلة في الحديث المذكور قطعا.
وهم بين مصرّح بعدم جواز المساوقة فيها ، وبين متأمّل متردّد ، كما عرفت من العلّامة ، وعرفت أنّ وجه التردّد والشكّ في كون المعيّة والمساوقة اتّباعا
__________________
(١) مدارك الأحكام : ٤ / ٣٢٦ و ٣٢٧.
(٢) منتهى المطلب : ٦ / ٢٦٦.