والإعادة تستلزم زيادة الواجب ، وهو مبطل عندهم ، فيحتمل بطلان الصلاة بذلك ، ويحتمل وجوب الإعادة هنا عليه ، كما في الناسي ، إن لم يثبت البطلان بمثل هذه الزيادة ، كما هو ظاهر عبارة «المقنعة» ، لإطلاق الرواية المتضمّنة للإعادة (١) ، انتهى.
أقول : ذكر رحمهالله قبيل هذا الكلام عن الصدوق أنّه قال : من المأمومين من لا صلاة له ، وهو الذي يسبق الإمام في ركوعه وسجوده ورفعه ، ومنهم من له صلاة واحدة ، وهو المقارن له في ذلك (٢). إلى آخر ما ذكرنا عنه (٣).
وهذا منه صريح في بطلان صلاة من سبق الإمام عامدا ؛ لأنّه رحمهالله يذكر السابق سهوا ويحكم بوجوب الإعادة ، كما هو فتوى غيره (٤) ، كما لا يخفى على المطّلع ، فكيف يقول : لا أعلم فيه مخالفا صريحا؟ ومع ذلك يجعل المخالف منحصرا في ظاهر «المقنعة» ، مع إتيانه بما دلّ على بطلان العبادة المنهيّ عنها عند كلّ الشيعة ، حتّى أنّه رحمهالله في مبحث الصلاة في المكان المغصوب وغيره من مباحث لا تحصى ، حكم بالبطلان (٥).
ومن المعلوم أنّ الشيعة قالوا بعدم جواز اجتماع الأمر والنهي في واحد شخصي واستحالته ، وإن كان من جهتين مختلفتين ، وصرّحوا بأنّ تعدّد الجهة غير مجد ، وخالفوا الأشاعرة المجوّزين في صورة تعدّد الجهة ، وبذلك صرّحوا بأنّ النهي في العبادات يقتضي فسادها جزما ؛ لأنّ العبادة مطلوبة جزما والمطلوب لا يمكن
__________________
(١) مدارك الأحكام : ٤ / ٣٢٧ و ٣٢٨.
(٢) مدارك الأحكام : ٤ / ٣٢٦ ، نقل عن الصدوق في ذكرى الشيعة : ٤ / ٤٧٥.
(٣) راجع! الصفحة : ٣٢٠ من هذا الكتاب.
(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٣ / ٣٠٧.
(٥) مدارك الأحكام : ٣ / ٢١٧ و ٣٥٨ و ٤٧٦.