لا يقال : لا بدّ أن يصبر حتّى يتمّ الإمام قراءته ، لأنّها مكان قراءة المأموم.
لأنّا نقول : هذا مذهب نادر منهم ، مثل العلّامة في «التذكرة» (١) ، وسيجيء تصريحه فيه بأنّ الأصحاب لا يوجبون ذلك ، بل يقولون بالصحّة مطلقا ، مع أنّ صلاة المأمومين هيئة اخرى بالبديهة ، والتغيير من جهة الجماعة البتّة ، ومعلوم أنّ الجماعة شرط لصحّة الصلاة الخالية عن القراءة الواجبة وغير ذلك ، وعرفت أنّ الجماعة مأخوذ فيها الإمام والمأموميّة والائتمام به والاقتداء ونحو ذلك.
وعرفت أنّ معنى ما ذكر هو وقوع فعل المأموم بعد الإمام وبتبعه ، وبأنّه لمّا فعل الإمام ذلك أفعل بعده ، فإذا انتفى ذلك ولم يراع عمدا من دون عذر فكيف تتحقّق الجماعة الشرعيّة المسقطة للقراءة ونحو ذلك؟
فما ذكره الصدوق هو المطابق لمذهب الشيعة وقواعدهم.
ونقل عن «المبسوط» أيضا أنّ المأموم لو فارق الإمام لا لعذر بطلت صلاته (٢) ، والشهيد نقل ذلك في «الدروس» ولم يردّه (٣) ، وإن كان ظاهر كلامه موافق المشهور.
وأمّا ما ذكره من أنّ ظاهر «المقنعة» الصحّة في صورة العمد أيضا ، وموافقتها لصورة السهو والظن.
ففيه ؛ أنّ ظاهر كلامه ، وكلام غيره من القدماء ، هو الظاهر من الأخبار ، مع أنّه معلوم قطعا أنّ مستنده في حكمه ذلك هو الأخبار المذكورة.
والشيخ أيضا حمل كلامه على صورة العمد (٤) ، وهو أعرف بمقصود استاذه
__________________
(١) تذكرة الفقهاء : ٤ / ٣٤٦ المسألة ٦٠٣.
(٢) المبسوط : ١ / ١٥٧.
(٣) الدروس الشرعيّة : ١ / ٢٢١.
(٤) تهذيب الأحكام : ٣ / ٤٧ ذيل الحديث ١٦٤ ، الاستبصار : ١ / ٤٣٨ ذيل الحديث ١٦٨٩.