وشيخه الذي تعلّم منه ، كما حمل قاطبة الفقهاء الأخبار المذكورة على غير صورة العمد.
والقرينة على ذلك واضحة ؛ فإنّ من دخل في الجماعة ليس مقصوده إلّا ثوابها وفضلها ، لاستحبابها عند الشيعة قاطبة ، بل ضروري مذهبهم ، كما عرفت.
كما أنّ ضروري مذهب الكلّ كون الائتمام والاقتداء بالإمام مأخوذا في الجماعة ، وكون معنى الائتمام والاقتداء ونحوهما كون صلاته متابعة لصلاة الإمام ، وأفعاله تتبع أفعاله ، وأنّه يقتدي بأفعاله.
وقد عرفت فيما سبق معنى الكلّ لغة وعرفا ، وأنّه واضح عندهم معنى قولهم : فلان اقتدى بفلان في فعل كذا وكذا ، أو ائتمّ به ، أو إمامه فلان في فعل كذا ، أو مأموم فلان. إلى غير ذلك على حسب ما عرفت ، بل عرفت المساواة والمعيّة والمساوقة لا تلائم معاني ما ذكر ، فكيف السابقيّة والتقدّم والابتداء وأمثال ذلك؟!
مع أنّك عرفت وجوب متابعة الإمام في أفعال الصلاة على كلّ مقتد به ، بحيث لا شبهة في عقاب السابق على الإمام عمدا ، والمتقدّم عليه من دون مبالاة.
ومفروض المسألة ذلك ، ومسلّم عند الكلّ ، حتّى صاحب «المدارك» (١) ، وعلى هذا فكيف يتقدّم على الإمام ، ويعلم أنّه يتقدّم (٢) عليه حتّى (٣) يدخل النار ، ويصير محلّا لغضب الرحمن وسخط القهّار ، سيّما إذا فعل كذلك في كلّ واحد واحد من ركوعات صلاته وسجوداتها ، وكلّ واحد واحد من رفع الرأس عن كلّ واحد منها؟!
__________________
(١) مدارك الأحكام : ٤ / ٣٢٦.
(٢) في (د ١) : يتقدمه. ولعلّه : تقدمه.
(٣) لم ترد في (د ١) : حتّى.