فإنّ هذه الصلاة عند هؤلاء صحيحة ، مع كون كلّ واحد من أفعالها حراما على حدة ومعصية ، وموجبا لدخول النار ، وفجورا من الفجّار.
فكيف يعدّ نفسه لهذا الفجور من جملة الأبرار ، ويقصد بهذا الركوع مثلا التقرّب إلى الله تعالى مع كونه مبعّدا عنه ، ويطمع من جهته النجاة من النار مع كونه موجبا لدخولها عنده البتّة ، ويطمع منه الثواب مع كونه موجبا للعقاب بلا شبهة ، سيّما إذا كان كلّ واحد واحد من أفعال صلاته جماعة كذلك ، ويرى أنّه كلّ واحد منها هالك ، مجمع جماعة من المهالك؟!
وأين هذا ممّن قصده في الجماعة ليس إلّا الثواب ورضاء ربّ الأرباب ، من دون إيجاب أصلا ولا إلزام مطلقا ، بل بالرخصة في الترك بالبديهة ، فلا يريد سوى الثواب والفضيلة؟!
وهذه قرينة ظاهرة واضحة كمال الوضوح والظهور في أنّ التقدّم المذكور لم يكن عصيانا وعمدا وعنادا وقصدا ، وطلبا لدخول النار ، والحشر في زمرة الفسّاق والفجّار.
بل لم يصدر إلّا خطأ وسهوا ، والبناء على وقوعه جهلا بعدم الجواز لا يلائمه الجواب المذكور في الأخبار بلا شبهة ، كما ستعرف.
ومع ذلك خروج عن مفروض المسألة والمسلّم عند صاحب «المدارك» أيضا ، مع أنّ الجاهل بالحكم عند الفقهاء غير معذور ، وحكمه حكم العالم العامد ، إلّا في مواضع مخصوصة معروفة.
وحقّق ذلك أيضا في محلّه ، مضافا إلى ما ذكرنا من أنّ العالم باستحباب الجماعة ، ومأخوذيّة الإمام والمأموميّة ، والاقتداء والائتمام وما ماثله ، كيف يجوّز التقدّم المذكور؟ مضافا إلى ما يرى في الأعصار والأمصار من وقوع الجماعة بالهيئة المعروفة ، من تقدّم الإمام في الأفعال البتّة وتأخّر المأموم بلا شبهة ، بل عدم