العدول إلى الانفراد إبطال الجماعة المستحبّة المطلوبة ؛ إذ لا شبهة في كونها عملا مطلوبا غاية المطلوبيّة ، والعدول عنها إلى الانفراد إبطال لها بلا شبهة.
ونقل عن «المبسوط» أنّه احتجّ بهذا ، وبقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّما جعل الإمام إماما ليؤتمّ به» (١). إلى آخر الحديث (٢).
ولا خفاء في دلالة كلّ واحد منهما على مطلوبه. وما دلّ على النهي عن إبطال العمل واضح مسلّم عند الكلّ ، من الآية (٣) وتتبّع الأخبار.
على أنّا نقول : ما دلّ على وجوب ترك القراءة على المأموم ظاهر في كون المراد المأموم إلى آخر الصلاة ، لا المأموم حين ترك القراءة ، الذي يجوز رفع يده عن المأموميّة بعد تركه للقراءة بالمرّة والإتيان بباقي الصلاة منفردا من دون تدارك القراءة المتروكة أصلا ، مع أنّه إذا عدل إلى الانفراد خرج عن كونه مأموما جزما ، وصلاة غير المأموم لا تصحّ بغير القراءة ، كما هو مقتضى العمومات ، وكذا الحال في زيادة الركوع أو غيره.
وأيضا المتبادر من الأخبار الواردة في الجماعة بقاء الجماعة إلى آخر الصلاة من غير عذر.
وبالجملة ؛ تتبّع الأخبار الواردة في الجماعة يظهر ما ذكرنا غاية الظهور ؛ لأنّهم عليهمالسلام في مقام من المقامات التي يكون مقام ذكر جواز العدول المذكور لم يتعرّضوا له مطلقا ، بل ولم يشيروا إليه أصلا ورأسا ، ودائما أظهروا خلافه. بل في حديث من الأحاديث لم يقع الإشارة إليه.
__________________
(١) عوالي اللآلي : ٢ / ٢٢٥ الحديث ٤٢.
(٢) نقل عنه في مختلف الشيعة : ٣ / ٧٤ و ٧٥.
(٣) محمّد (٤٧) : ٣٣.