والأصحاب بنوا المصير إلى التراجيح على تشاحّ الأئمّة ، وعدم وفاق المأمومين.
فالمراد من التشاحّ تشاحّ الأئمّة ، من أنّ كلّا منهم يريد الفضل العظيم ، والثواب الجسيم ، ويكون ممّن يسارع في الخيرات ، وهم لها سابقون ، لا أن يكون من جهة حبّ الرئاسة والإمامة والتقدّم ، وأمثال ذلك ، ولا أن يكون يصدر من التشاحّ المذكور ما يخالف الشرع من النفرة والبغضاء والغيبة ، وأمثالها ممّا هو حرام أو مناف للمروءة ؛ لما مرّ من اعتبارها في العدالة.
وبالجملة ؛ المقام خطير ، والنفوس أمّارة بالسوء إلّا من رحم ، مختارة للباطل إلّا من عصم.
لكن من جهة حمل أفعال المسلمين على الصحّة حتّى يثبت خلافه يحمل تشاحّهم على الصحّة ، إلّا أن يظهر كونه على وجه الفساد ، بحيث يطمئنّ به ، بل يشكل إذا ظهر منهم ما يخالف حسن الظاهر ، بناء على ما عرفت من كون العدالة هي حسن الظاهر ، ولا يضرّه احتمال الفساد ؛ لأصالة الصحّة ، ولأنّه محال ـ عادة ـ وجود من يكون جميع أفعاله وأحواله بحيث لا يحتمل الفساد أصلا ، بل الغالب مع الاحتمال ، ولو لا أصالة الصحّة لا يتحقّق عادل أصلا.
قوله : (قدم صاحب [المسجد]). إلى آخره.
المعروف من الأصحاب الحكم بتقديم صاحب المنزل الساكن فيه ـ وإن لم يكن مالكا له ـ في منزله ، وصاحب السلطان في سلطانه (١) ، لرواية أبي عبيدة عنه عليهالسلام أنّه قال : «ولا يتقدّمن أحدكم الرجل في منزله ، ولا صاحب سلطان في
__________________
(١) منتهى المطلب : ٦ / ٢٣٦ ، روض الجنان : ٣٦٥ ، مدارك الأحكام : ٤ / ٣٥٦.