بل في «المنتهى» صرّح بأنّ الكلام جنس يقع على القليل ، والكلم جمع الكلمة ، وأقلّ ما يتركّب منه الكلمة حرفان (١) ، إلى آخر ما ذكرنا عنه ، فتدبّر!
هذا ، مع أنّ العرف مقدّم على اللغة على ما حقّق في محلّه ، والظاهر كونه مسلّما مقبولا عندهم.
ولعلّ مراد العلّامة ذكر الحرف المفهم من دون أن يتكلّم به ، مثل أنّه أراد أن يقول : عباد الله ، فلمّا أبرز «ع» ترك الباقي ، وكذلك «ق» في قيام وأمثال ذلك.
فيكون مراده أنّه من شأنه حصول الإفهام فأشبه أن يكون تكلّم ، يومي إلى ذلك أنّه قال قبل ذلك متّصلا به : لا خلاف في أنّ الحرف الواحد ليس مبطلا ، لأنّه لا يعدّ كلاما ، ولعدم انفكاك الصوت منه غالبا. نعم ، في الواحد المفهم كـ «ق» و «ع» و «ش» إشكال. إلى آخر ما ذكرنا.
ثمّ قال : أمّا الحرف بعد مدّه ، ففيه نظر أيضا ينشأ من تولّد المدّ من إشباع الحركة ولا يعدّ حرفا ، ومن أنّه إمّا ألف أو واو أو ياء (٢) ، انتهى.
مع أنّ «ق» بمجرّد الصدور يتبادر منه الأمر بالوقاية ، وبعد ذكر «يام» يظهر أنّ المراد هو القيام ، فتدبّر!
لكن الذي يظهر من «المنتهى» أنّه يريد «ق» و «ع» ونحوهما ممّا مرّ أمر وخطاب ، فيتوجّه عليه مضافا إلى ما سبق أنّه جعل المبطل هو التركّب من حرفين فصاعدا ، وإن كان مهملا ، فصرّح بأنّ الفهم لا دخل له في الإبطال إجماعا ، فكيف جعل الإفهام منشأ للإبطال؟
ومع ذلك أيّ شباهة لها بالكلام؟ مع كونه خاليا عن الإفهام غير معتبر ذلك
__________________
(١) منتهى المطلب : ٥ / ٢٨٩.
(٢) تذكرة الفقهاء : ٣ / ٢٧٩ المسألة ٣١٩.