نعم ، مثل «لا» يتكلّم به بدون ضم ضميمة لفظا وصريحا ، بل الضميمة مقدّر ، والمقدّر عندهم كالملفوظ ، ولذا يجوز ذكر «لا» في جواب سؤال ونحوه ، مثل أن يقال له : افعل كذا ، فيقول : لا ، مع أنّ الحرف غير مستقل عندهم بالبديهة ، بل آلة ملاحظة حال غيره ، فتدبّر.
والظاهر أنّه مراد نجم الأئمّة رحمهالله أنّ الكلام في اللغة لا يحصل إلّا بالمركّب من حرفين لا أقلّ ، وإن صار بالإعلال حرفا واحدا مثل ق وع ونظائرهما.
وأمّا الحرف فمن جهة كونه غير مستقلّ بالمفهوميّة ، ومعناه في غيره ، لا يصير كلاما لغة بغير ضميمة الغير ، فلا يرد أنّ الحرف الواحد من الحرف موضوع لمعنى قطعا ، والموضوع له مفهم له جزما ، فيكون حاله حال نحو «ق» في الإيراد ، مع عدم إمكان الجواب بأنّ المقدّر كالمذكور من دون تفاوت أصلا ، لعدم تقدير فيه بالبديهة.
ووجه عدم الإيراد أنّ الحرف الواحد من جهة عدم استقلاله بالمفهوميّة ، وكون معناه في غيره لا في نفسه ، كما هو المحقّق ، إذا ذكر بغير ضميمة الغير لا يكون مفهما قطعا ، ولا يكون ذلك الموضوع جزما ، بل يكون مهملا البتّة ، ومع ضمّ الضميمة لا يكون المفهم هو خاصّة ، لما عرفت من كون معناه في غيره لا في نفسه ، وأنّ معناه آلة ملاحظة ذلك الغير ، فكيف يكون هو بنفسه دالّا على معناه مفهما إيّاه حتّى يرد ما أورد؟ بل الدالّ والمفهم هو مع الضميمة البتّة فتدبّر!
مع أنّ القدماء لم يذكروا قيد الحرفين فصاعدا أصلا ، والمتأخّرين ذكروه قيدا للكلام ، وقالوا : يحرم الكلام بحرفين. إلى آخره.
فيلزم أن يكون الكلام عندهم أيضا أعمّ ، وإلّا لقالوا : يحرم الكلام وهو الذي يركّب من حرفين فصاعدا.