التقليد لا يفيد أزيد من الظنّ ، بل ربّما لا يفيده أيضا ، كما صرّح به غير واحد من المتأخّرين في المقام (١) ، كما ستعرف ، وفي صورة الإفادة ربّما لا يفيده إذا حصل له ظنّ بخلافه ، أو يفيد أضعف من ظنّ نفسه ، كما هو الغالب فيتحقّق التساقط في القدر المساوي ، ويبقى الزائد سالما ، فيرجع إلى الأوّل.
نعم ، إذا حصل من يقينه ظنّ أقوى من ظنّ نفسه ينعكس الأمر ، فيتعيّن العمل بالزائد الباقي ، سمّيته تقليدا أم اجتهادا وعملا بظنّه الحاصل له بعد بذل جهده.
ويظهر ممّا ذكر أنّهما لو تساويا تعارضا وتساقطا ، فيبقى الشكّ فيعمل بمقتضاه.
واعلم! أنّ رجوع الإمام إلى المأموم أعمّ من أن يكون المأموم فاسقا أو عادلا ، وأمّا إذا كان صبيّا مميّزا أو امراة ويحصل منهما ظنّ للإمام فلا إشكال ، وإلّا ففيه إشكال تامّ ، لعدم كونهما من الأفراد الشائعة المتبادرة من الإطلاقات.
بل لو كان رجلا ولم يحصل منه ظنّ أصلا لعلّه أيضا لا يخلو عن إشكال ، لأنّ الغالب الشائع حصول الظن ، والشارع لعلّه لهذا اعتبره مطلقا ، فيكون حالهما وحال غيرهما واحدا ، بأن حفظ على المصلّي من لم يكن إماما ولا مأموما ، كما ورد في بعض الصحاح : أنّ رجلا صلّى ثم اخبر أنّه صلّى في غير وقته ، قال : «يعيد» (٢).
وفي اخرى جواز الاتّكال في العدد على الغير (٣) ، لكن المذكور في عبارة غير واحد من المتأخّرين رجوع كلّ من الإمام والمأموم إلى الآخر ، وإن لم يحصل ظنّ أصلا من فعله وقوله ، بل يكون باقيا على شكّه.
__________________
(١) لم نعثر عليه في مظانّه.
(٢) وسائل الشيعة : ٤ / ١٦٧ الحديث ٤٨١٤.
(٣) مستطرفات السرائر : ١١٠ الحديث ٦٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٥٢ الحديث ١٠٥٦٤.