أقول : الاحتمال الأوّل فاسد ، لظهور كون الإتيان بالركعتين جالسا لاحتمال كون الصلاة ثلاث ركعات ، فإذا تيقّن كونها ثنتين فلا وجه للحكم بوجوبهما أيضا ، من جهة عموم الحديث ، إذ غير خفيّ عدم دخول ما نحن فيه فيه وعدم تبادره منه.
واحتمال البطلان أيضا باطل ، لما ظهر عليك من أنّ البناء على الأربع مراعاة لاحتمال التماميّة ، وإيجاب الإتيان بالركعتين قائما مراعاة لاحتمال كونها ثنتين ، ولأجل هذا الاحتمال أوجب الشرع ذلك ، والغرض منه لم يكن إلّا الاحتمال المذكور.
فإذا ظهر ذلك الاحتمال تعيّن إتمامهما. لأنّ دخوله فيهما كان دخولا مشروعا ، فهو مستصحب حتّى يثبت خلافه.
كما أنّ صلاته إلى ما قبل ظهور النقص كانت صحيحة ، موافقة لطلب الشارع جزما ، وهو أيضا مستصحب ، ولأنّ تكبيرة افتتاحهما كانت صحيحة قطعا ، معرضا لأن تكون ذكر الله الحسن على كلّ حال ، الواقع في صلاته لو كان الفرض المذكور ، وسائر الأجزاء الصادرة منه أجزاء أصل صلاته على هذا الفرض ، فبعد ظهور الفرض لا معنى للتأمّل ، فضلا عن الحكم بالبطلان.
وأيضا من ظهر عليه النقص وجب عليه البقيّة وصحّت منه ، إلّا إذا صدر منه ما ينافي الصلاة ، وغير التكبيرة من أجزاء الصلاة ليس منافيا للصلاة بلا شبهة ، بل عين البقيّة ، فكيف يكون منافيا لها؟
وأمّا التكبيرة ، فقد ظهر لك حالها ، وعدم منافاتها لها ، وحسن اجتماعها معها ، وفضلها به ، وكما لها منه.
وأين هذا ممّا حكموا في الشكّ بين الأربع والخمس قبل الركوع بالهدم والإدخال فيما دلّ على حكم الشكّ بين الثلاث والأربع ، معلّلين ذلك بأنّ الفقيه يدبّر صلاته حتّى يصحّحها ، وأمثال ذلك.