وممّا يدلّ على ذلك أنّ زرارة وغيره من الأعاظم ، رووا عنهم عليهمالسلام عدم المنع أصلا من القضاء في هذه الأوقات مطلقا ، بقولهم عليهمالسلام لزرارة وغيره : «أربع صلوات يصلّيهنّ الرجل في كلّ وقت» ، أو «خمس صلوات تصلّي في كلّ وقت منها الصلاة التي فاتتك» (١).
ومرّ الإشارة في الجملة إلى أمثال هذه الروايات.
وبالجملة ؛ لم يبق شائبة منع ولا كره في القضاء في أحد الأوقات المكروهة ، وأفتى الفقهاء بذلك بلا تأمّل ، ومنهم الصدوق (٢) كما مرّ ، فمع ذلك كيف ينهى عن القضاء في الوقت المذكور؟
فظهر أنّ هذا المنع من باب جراب النورة بلا شكّ ولا شبهة ، وإن كان كلّ منع منهم عن الصلاة في هذه الأوقات كذلك ، كما عرفت التحقيق.
لكن المقام لا يبقي لعاقل شبهة أصلا في أنّه من ذلك الباب ، لا أنّه حكم الله تعالى واقعا ، ولم يتأمّل أحد فيما ذكرنا ، فما صدر من العلّامة وغيره من التمسّك به لأجل إثبات التوسعة شرعا (٣) ، لم يكن إلّا مجرّد غفلة.
فإن قلت : تعليله بقوله عليهالسلام : «إنّك لست تخاف فوتها» (٤) دليل لنا.
قلت : التعليل أيضا لعلّه إقناعي في مقام جراب النورة ، ومع ذلك ، الوجوب الفوري لا يمنع من عدم الفوت ، فإنّ كثيرا من الواجبات الفوريّة ليس فيها فوت كالحجّ وغيره.
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٢٨٨ الحديث ٣ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٧٨ الحديث ١٢٦٥ ، الخصال : ١ / ٢٤٧ الحديث ١٠٧ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٤٠ الحديث ٥٠٣٠ ، ٢٤١ الحديث ٥٠٣٣ و ٥٠٣٤.
(٢) المقنع : ١٠٧.
(٣) مختلف الشيعة : ٣ / ١٠.
(٤) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٩٠ الحديث ٥١٨٧.