مشخّص لا يقبل الزيادة والنقيصة أصلا ورأسا ، حتّى يقال : إنّ ذلك معلوم وما زاد عنه مشكوك فيه فينتفي بالأصل ، مثلا إذا جزمنا بأنّ في البيت جماعة كثيرة غاية الكثرة لا يعرف عددهم على التعيين ، هل يمكن أن يعلم أنّ القدر اليقيني منهم والعدد القطعي ـ بحيث لا يزيد ولا ينقص ـ ثلاث مائة أو ثلاث مائة وواحدة وأمثال ذلك؟
وإذا لم يمكن العلم به فكيف يعيّن قدرا خاصّا منه بأنّه اليقيني لا غير ، والغير منفيّ بالأصل؟ إذ من البديهيّات استحالة الترجيح من غير مرجّح ، بل والترجيح كذلك فتدبّر.
والحاصل ؛ أنّ المكلّف إذا حصل له القطع باشتغال ذمّته بمتعدّد ، والتبس ذلك المتعدّد عليه كمّا ، وأمكنه الخروج عن عهدته ، فالأمر كما أفتى به الأصحاب ، وإن لم يحصل ذلك بأن يكون ما علم به خصوص اثنين أو ثلاث مثلا ، وأمّا أزيد من ذلك فلا ، بل احتمال احتمله ، وأمره وحاله على حدة ، فالأمر كما ذكره في «الذخيرة» (١).
ومن هذا لو لم يعلم بتعدّد أصلا في فائتة ، بأن علم أنّ صلاة صبح يومه فاتت ، وأمّا غيرها فلا يعلم ولا يظن فوته أصلا ، فليس عليه إلّا الفريضة الواحدة ، وإن احتمل فوت ذلك الغير وشكّ فيه ، لكونه شكّا في فعل الفريضة بعد خروج وقتها ، والمنصوص أنّه ليس عليه قضاؤها ، بل لعلّه المفتى به أيضا.
والنص هو حسنة زرارة والفضيل السابقة (٢) ، ولا خفاء في كونها معمولا بها عند الكليني ، بل الشيخ أيضا.
__________________
(١) ذخيرة المعاد : ٣٨٤.
(٢) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٨٢ الحديث ٥١٦٨.