أمّا من يقول بإمكان وقوعها له ، وهم جميع الإماميّة ، فلا يمكنه القول بمنع الاستئجار إلّا أن يخرق الإجماع في إحدى المقدّمتين.
على أنّ هذا النوع قد انعقد عليه الإجماع من الإماميّة الخلف والسلف من عهد المصنّف وما قبله إلى زماننا هذا ، وقد تقرّر أنّ إجماعهم حجّة قطعيّة (١) ، انتهى.
أقول : لا شبهة في وقوع الإجماع من الشيعة على كلّ واحدة من المقدّمتين المزبورتين ، وظهورهما من الأدلّة.
أمّا الإجماع على المقدّمة الاولى فغير خفيّ على المطّلع بطريقة الفقهاء وغيرهم من الشيعة ، حتّى أنّها ربّما صارت من شعار الشيعة ، وبأنّه يمتازون عن العامّة.
حتّى أنّ المنكرين للاستئجار في أمثال زماننا ، مثل المصنّف ومن وافقه ، لا يتأملون إلّا في خصوص الاستئجار ، ولا يردّون على مدّعي الإجماع عليها أصلا ، ولذا يذكرون الأخبار المذكورة الدالّة على العموم على وجه المسلّمية والمقبوليّة الواضحة الخالية عن شائبة عدم معلوميّة العمل بها من أحد فقهائنا القدماء والمتأخّرين.
حتّى أنّهم يذكرون ما صدر عن صفوان وعبد الله بن جندب وابن النعمان في مقام مدحهم من دون تأمّل منهم في المدح به.
هذا مع نقل فقهائنا تلك الأخبار على وجه يظهر منهم مقبوليّة مضامينها عندهم ، وكونها مفتى بها لديهم.
مع أنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد حجّة ، وهو رحمهالله بالغ في نقله غاية المبالغة ، وشدّد وأكّد ، ولم يظهر علينا أصلا خطؤه ، سيّما بعد ملاحظة ما أشرنا إليه ، فإنّه لو لم
__________________
(١) ذكرى الشيعة : ٢ / ٦٧ ـ ٧٨.