ذلك لا يخرجنا عن الصلاة بالبديهة.
فإن قلت : لعلّه ظهر من الشرع أنّ قليلا ممّا هو خارج عن الصلاة غير مخرج عنها بخلاف الكثير منه.
والقلّة والكثرة معناهما معروفان لغة وعرفا ، فيرجع الشرع إلى العرف ، كما هو الحال في كثير الشكّ وغيره ممّا ذكر فيه لفظ الكثير ، فيرجع فيه إلى ما يعدّ كثيرا عرفا وهو كونه ثلاثا فما فوقه.
قلت : لم يوجد في حديث من أحاديث العامّة والخاصّة لفظ الفعل الكثير ، بل ولا لفظ الفعل القليل ولا ما يومئ إليهما بقليل أيضا ، والآية أيضا كذلك بالبديهة.
وأمّا الإجماع ؛ فكلامنا ليس إلّا فيما يعرف منه ، وما ذكره ناقل الإجماع من الحوالة إلى العرف سيّما بالنحو الذي ذكر.
فإن قلت : إذا عرف من الشرع أنّ الأمر الفلاني ليس من الصلاة ، وعرف من الإجماع أنّ قليله لا يضرّ الصلاة وبارتكابه لا يكون خارجا عنها ، بخلاف كثيره ، تعيّن أن تحقّق ذلك في الصلاة بالقدر الذي يسمّى عرفا كثيرا بالكثير العرفي يكون مخرجا عن الصلاة ، مضرّا بها ، مبطلا لها.
قلت : هذا أيضا مشكل ، إذ عرفت أنّ نظرنا في الصلاة إلى غير الموضع الذي استحبّ كون نظرنا فيها إليه ، لو وقع ثلاث مرّات وأزيد بمراتب لا تحصى ، لا يكون مبطلا لها عندهم ، كما أنّ الوثبة العظيمة غاية العظم لو وقعت فيها تكون مبطلة لها وإن كانت فعلا واحدا عرفا.
فإن قلت : لعلّ المراد من العرف عرف المتشرّعة ، وبعد صدر الإسلام ومعرفة المتشرّعة الأمر الذي به يخرج المصلّي عن كونه مصلّيا في عرف المتشرّعة.