ومع ذلك إذا كان مجموع ما بين المشرق والمغرب قبلة لا جرم يجوز له التوجّه إلى أيّ جزء منه.
فلا نسلّم حينئذ كون الالتفات إلى أحد الجانبين فاحشا سيّما أن يكون الوجه خاصّة ، فتأمّل!
مع أنّه رحمهالله غير قائل بالعموم في المفهوم (١) فالتعارض من أين؟! حتّى يحتاج إلى التقييد.
مع أنّ الشهيد ليس في مقام الاحتجاج بعموم المفهوم ، كيف؟ وهو قائل بعدم عمومه هنا قطعا ، بل هو في مقام إنكار بقاء إطلاق حسنة زرارة على حاله.
واستشهد على عدم بقائه عليه بأنّ هذا الراوي بعينه روى هذا الحكم بعينه مقيّدا غير مطلق ، فلا إيراد عليه أصلا ، مع أنّه رحمهالله اشترط في حجّية الخبر عدالة جميع سلسلة سنده (٢) ، فكيف يعمل بالحسن؟! سيّما وأن يجعله معارضا للصحيح ، مقاوما له ، بل غالبا عليه ، ومقدّما عليه ، إذ يجوز تقييد الحسنة بمنطوق الصحيحة ، أو جعل المراد من التفاحش كونه بكلّه مع أنّ الضمير في قوله : «بكلّه» راجع إلى الالتفات ، فيكون المراد ، الكامل في التفاحش ، ويكون الإطلاق في الحسنة منصرفا إلى الكامل ، كما أنّ ما دلّ على أنّ الالتفات مطلقا يبطل الصلاة محمول على الالتفات الكامل ، مثل صحيحة ابن اذينة عن الصادق عليهالسلام : عمّن يرعف في الصلاة ، قال : «إن كان الماء عن يمينه [أو عن] شماله [أو عن خلفه] فليغسله من غير أن يلتفت و [ليبن على صلاته] فإن لم يجد الماء حتّى يلتفت فليعد الصلاة» (٣).
__________________
(١) مدارك الأحكام : ١ / ٣٢.
(٢) ذكرى الشيعة : ١ / ٤٩ ، للتوسع لاحظ! الرعاية في علم الدراية : ٩٠.
(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٣٩ الحديث ١٠٥٦ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٢٣٨ الحديث ٩٢١٢.