حوادث الفرار ـ ليودع سلفه بما هو أهله ، ثم ليبدأ عمله في قيادته الجديدة ، فيدارى ما أحدثته هذه الرجة العنيفة في معنويات جيشه.
فقال:
« أيها الناس لا يهولنكم ولا يعظمّن عليكم ، ما صنع هذا الرجل المولّه. ان هذا وأباه أخاه ، لم يأتو بيوم خير قط. أن أباه عم رسول الله خرج يقاتله ببدر ، فأسره أبو اليسر كعب بن عمرو الانصارى ، فاتى به رسول الله ، فأخذ فداءه ، فقسمه بين المسلمين. وأن اخاه ولاه علي على البصرة ، فسرق ماله ومال المسلمين. فاشترى به الجواري ، وزعم أن ذلك له حلال. وان هذا ولاه علي على اليمن ، فهرب من بسر بن أرطأة ، وترك ولده حتى قتلوا ، وصنع الان هذا الذى صنع (١) ».
وكان قيس الخطيب المؤثر فيما يقصد اليه من تأثير ، ولا سيما اذا اندفع بعاطفة مشبوبة ، كعاطفته عند موقفه الاخير.
وكان من تأثيره على سامعيه ، فيما ثلب به عبيدالله بن عباس أن « تنادى الناس : الحمدلله الذي أخرجه من بيننا!! (٢) ».
أقول : وهكذا كانت التجارب مفاتيح الرجال كما يقول المثل العربي.
__________________
١ ـ مقاتل الطالبيين ( ص ٣٥ ).
٢ ـ مقاتل الطالبيين (ص ٣٥).