بعض الانباء فأوغلت في النكاية بعبيدالله حتى قالت « انه مرّ بالراية (١) ».
وهيأت هذه الحركة العدوة جواً لتمردٍ خبيث ، نشبت عدواه في قوافل اخرى من اجيش ، فنشطوا للفرار وهم يحسبون ان في اتباع اهل الشرف والبيوتات مغنما يخسرونه اذا تخلفوا عنهم.
وعمل معاوية اكثر ما يمكن ان يعمل لاثارة هذا التمرد ، ثم لتغذيته بعد اثارته ثم لتوسعته بعد تغذيته ، وكان العارف بنفسيات ابناء البيوت الرعاديد ، الذين غلبهم الترف وانستهم النعمة الوارفة عنعناتهم العربية العنود ، فكان لا ينفك يتوقع انزلاقهم اليه ، ويتوسل اليهم بمختلف الوسائل وانواع الكيد ، حتى لقد نجح في استذلال شموخهم عن طريق المطامع المادية التي تطامن لسحرها كبيرهم المغرور ، فنزل يهرول امامهم ، الى الهوة التي لا يختارها شريف يعتز بشرفه ، ولا قائد يغار على سمعته.
وهكذا « جعل اصحاب الحسن الذين وجههم مع عبيدالله يتسللون الى معاوية ، الوجوه وأهل البيوتات (٢) » وأتباعهم طبعا.
ثم صعد عدد الفارين من الزحف ، عن طريق الخيانة لله ولرسوله ولابن رسوله ، الى ثمانية الاف!! [ كما يحدثنا أحمد بن يعقوب في تاريخه ].
قال :
« انه ـ يعني معاوية ـ أرسل الى عبيدالله بن عباس ، وجعل له الف الف درهم ، نصار اليه في ثمانية الاف من اصحابه ، واقام قيس بن سعد على محاربته (٣) ».
نعم ، ثمانية الاف من اثني عشر الفا!..
انها الثغرة المخيفة في جدار المعسكر الواقف في جبهة القتال أمام
__________________
١ ـ البحار ( ج ١٠ : ص ١١٤ ).
٢ ـ شرح النهج ( ج ٤ ص ٨ ).
٣ ـ اليعقوبي ( ج٢ ص ١٩١ ) ، وروضة الشهداء ( ص ١١٥).