الحسن (ع) اربع سنوات ، فمدّع للخلافة عن رسول الله (ص) يناقضه صريحا في أحكامه ويخالفه عامدا في سرته ، ويقول : « والله ما بقي شيء يصيبه الناس من الدنيا الا وقد اصبته (١) » ـ أقول : ان دراسته على ضوء محاولاته الكثيرة ، ووصولياته المنوّعة مما ذكر أو لم يذكر ، لا تفضي بنا الى الاعتراف بكل الاوصاف التي يسبغها عليه المعجبون به.
ولا تدل على أكثر من براعته في استغلال الفرص جاهلية واسلاما.
وما كان من الدهاء ، ولا من السياسة بمعناها الصحيح ، ان يتصل الانسان في طريقه الى مآربه بوسائل لا يملك لها وجاهة الاقناع ـ ولو ظاهرا ـ في عرف المجتمع ، ولا أن يتسور الى اهدافه بالشذوذ المكشوف الذي لا يهضمه تقليد ، ولا يقرّه دين ، ثم هو لا ينفك يحاول أن يدّعي أنه رئيس حماة الدين ، وكبير رعاة التقاليد.
وما من دهاء في منطقة مناقضات.
ولا من دهاء في اغتيال الامنين من الناس ، ولا في اعلان السب والشتم وفرضه على الناس في كل مكان ، ولا في نقض العهود والحنث بالايمان.
ان شيئا من ذلك لا يدخل في حساب الدهاء ، ولا هو من سياسة الملك ، ولكنها الاساليب البدائية في دنيا العداوات ، ولعل في أدنياء المتناجزين من سواد الناس من يستطيع أن يأتي بالافظع الاروع من هذه الاساليب نكالا في خصومه. أفيكون حينئذ أعظم دهاء من معاوية؟.
و متى كان الشذوذ في الكيد دهاء يا ترى؟.
و اذا كان معاوية فيما اتاه من هذه الافاعيل النكر داهية ، فلقد زاده ابنه يزيد دهاء ، لانه توسل الى مآربه بوسائل انكى من وسائل ابيه.
ودع عنك من شواهد الضعف في معاوية ، استضاءه البيز نطيين بالمال ، وخطالبه الطائش الذي نقض عليه سياسته ـ في الكوفة ـ عند دخوله اليها ،
__________________
١ ـ المصدر السابق.