جنب هذه المعنويات الممعنةفي اتجاهها الى الله. والامام بصفته الروحية التي يقود بها الغير الى الخير ، لايهجس ابدا بغير هذا النوع من التفكير ، ولا ينصرف بخلجاته ومشاعره وعواطفه الى غير الله ، وسيرة النبي (ص) ، والمبدأ الصحيح.
لذلك لم تكن الحيرة عنده ـ كما قلنا ـ بالغة الغور ، لان طريق الله لاحب ، وأسوة رسول الله واضحة ، ولكنها كانت حيرة مريرة المذاق.
وكم من المزعج ان يساق الانسان من ظروفه ، ومن حيث لا يد له ، الى وضع لا يسيغه طبع ، تصطلح عليه الازمات ، ثم لا يفتأ يقوم من نفسه على عقُدٍ لا تنقطع الا لتتصل. ذلك هو الوضع « الشاذ » الذي لايعهد الا مع الحيرة ، ولا يطرد في نوازعه الا مع القلق ، ولا تكون النفس معه الا بين الاقدام وألاحجام وأليأس وألرجاء. وللنفس ـ مع هذا الوضع ـ حاجتها القصوى الى التأمل والتفكير ، والى الكلاءة والتثبيت. وللضمير ـ مع هذا الوضع ـ موقفه الدقيق الذي تتفاوت فيه معادن الناس.
وايّ نفس كانت هي تلك النفس ، وأيّ ضمير كان هو ذلك الضمير!!؟؟. انها النفس المطمئنة التي ترجع عند كل هول يعصف بها الى ربها راضية مرضية ، لا تستكفي بغيره ، ولا تسترشد بسواه. وانه الضمير الطاهر النقي ، الذي لم يضعف على ثقل الواجب وأنما كان ـ على كل حال ـ أصلب من الكارثة. ولم نسمع عن الحسن ان احدا ممن حوله شعر عليه في لحظات مرزأته ، أنه المرزأ في دخيلته او الممتحن في موقفه ، اذ لا حزن ولا انكسار ، وانما كل ظاهراته ثبات وعزم وأستقرار ، وحتى في مناجاته لربه فانه كان مثال الصبر واللجأ الى الله والاستكفاء به من دون الناس.
وكان من دعائه عليهالسلام : «اللهم ياذا القوة والسلطان يا عليَّ المكان ، كيف أخاف وأنت املي ، وكيف أخشى وعليك توكلي. أفرغ علىَّ من صبرك ، وأظهرني على أعدائي بأمرك ، وأيدني بنصرك. اليك اللجا ، وبك الملتجا ، فاجعل لي من أمري فرجا ومخرجا. يا كافي أهل