الحرم من أصحاب الفيل ، والمرسل عليهم طيراً أبابيل ، ترميهم بحجارة من سجيل ، ارم من عاداني بالتنكيل! ».
والتمعت على جوانب فِكَرِه اليائسة ، وفي زوايا تاملاته العابسه؟ اشعاعة من الامل ، كانت جواب دعائه الى الله عزّ وجل ، ففاحت ذكية العرف ، ولاحت مضواءة الملامح ، كأنها نذر البشارة.
وكانت مفاجأة غريبة أغلقت في وجهه هموم حاضره كلها فاذا هو بين طوفان من الذكريات التي لا تمتّ الى ظرفه ولا تتصل بأرزاء لحظته. ذكريات تشيع فيها اللذة وتجد فيها النفس الوانا من الامتاع والمؤانسة.
وللنفس اذا أفرط بها الالم وأرهقها الفكر والصمت العميق ، انتفاضتها المباركة التي تفرُّ بها من الضيق الى السعة ، ومن اليأس الى الرجاء ، ومن الحيرة الى الدلالة المليئة بالامال.
انه ليفكر لحاضره من هذه المزعجات ، ولمستقبله من هذا العدو المستهتر بالمقدسات ، وانه ليظن « بأنه لو وضع يده في يده فسالمه لم يتركه أن يدين لدين جده رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) ».
اما هذه المفاجأة الجديدة ، فقد رجعت به الى ثلث قرن مضى وحواليه فاذا هو بين منازل النبوة تتجاذبه ، ومهابط الوحي تتلاقفه ، وحلقات المهاجرين والانصار تحتفل به.
رؤيً تملك الحس وأحلام لذيذة تؤاسي الجراح.
هذا جده الاعظم ، وهذا سلطان نبوته في قومه ، وهذه نجوم الاي الكريمة تتنزل بين الفينة والفينة. كأنها بريد السماء الى الارض ولا تتنزل الا في بيته ، وهذا أبوه ، وزير النبي والمجاهد الاكبر الذي أخضع صناديد العرب لكلمات الله ، كأنه يرجع الان وقد فتح حصن خبير ، وهذه أمه الطاهرة البتول ، التي باهل بها الرسول فكانت بحق سيدة نساء العالمين.
__________________
١ ـ من كلمات الحسن نفسه كما يرويها البحار ( ج ١٠ ص ١٠٧ ).