وجاءت عملية الفرار التي اجتاحت معسكر مسكن والتي انهزم بها ابن العم « ورب ابن عم ليس بابن عم » ـ كما يقول المثل العربي ـ بتمانية الاف!. فتصاعدت النسبة صعودا مريعا.
وبقى الحسن في معسكريه جميعا على الخمس من عسكر معاوية!.
واذا اعتبرنا ـ هنا ـ القاعدة العسكرية الحديثة التي تنسب القوة المعنوية الى الكثرة العددية ، بنسبة ثلاثة الى واحد رجعنا الى نتيجة مؤسفة جدا ، هي نسبة واحد الى خمسة عشر.
واذا نظرنا الى جيش الحسن الذي بقى ينازل معاوية في مسكن وحده ـ على ضوء هذه القاعدة ـ رأيناه ينازل عدوا يعدّه خمسة واربعين ضعفا بالضبظ.
فأين هي الكفاية لقمع فتنة الشام بالقوة ، ياترى؟ ..
ولن تجيز النظم المتبعة لحروب الانسان في التاريخ ، مبارزة واحد لخمسة وأربعين ، ولا محاربة واحد لخمسة عشر. وما هي ـ ان اتفقت يوما ـ بحرب نظامية ، تنتظرها النتائج ، وأنما هي الحملات المستميتة التي تقصد الى الانتحار عن ارادة وعمد.
فليكن الحسن ابن رسول الله ، هو ذلك المخلوق الذي ادخره الله للاصلاح لا للحرب ، وللسلام لا للخصام ، وليكن الغرس الذي أنبته الله للمسلمين لا لنفسه ، وللدين لا للسلطان وليكن نصيبه من هذا الموقف في الباقي دون الزائل ، وفي الخالد دون الفاني ، وفي الله دون الناس.
وهكذا حالت رسالة الحسن بالسلام ، دون أن يشتبك الفريقان بحرب ما ، وكان ذلك هو الثابت ـ تاريخيا ـ رغم ان بعض المؤرخين حاول التلميح الى موقعة حربية ، بين جيش قيس ، قائد الحسن على مقدمته ـ وبين جند الشام في « مسكن ». وصرح السيد في « الدرجات