آخر ، كخلافة عمر ويزيد وألرشيد وغيرهم ، وأمّا باختيار فئة من المسلمين ايّاه بادىء ذي بدء ، كخلافة أبي بكر ، وعثمان ، ومحمد رشاد.
ورجع الفريق الثاني من المسلمين في تعيين النائب عن الرسول (ص) الى نصوص صاحب الرسالة نفسه ، فلم ينسيبوا عنه الا من أنابه هو فيما اثر عنه.
وعلى ذلك جرى الفريقان ، وعلى ذلك كانا فريقين (١).
وكما اختلفا في أسباب نصب الخليفة ، اختلفا في قابليته للتغيير والعزل ، فعلى النظرية الاولى ، كان حرياً بالعزل متى وفّق غيره للتغلب عليه ، أو متى وجد اقتضاء آخر ، وعلى نظرية النص ليس لاحد تغييره ولا عزله ، ولن يكون الخليفة المنصوص عليه معرّضاً لنقص يخلّ بمقامه كنائب نبي ، ومن هنا يرمز اليه بالعصمة من الله تعالى شأنه ، كما هي شأن النبي نفسه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فالخلافة من النوع الاول سلطة عامة مقيدة بدستور خاص ، وهي بواقعها أشبه بهذه السلطات القائمة اليوم ، لا تختلف عنها الا من ناحية الاختلاف في الدستور ، أو كما تختلف بعض هذه السلطات عن بعض.
وقداستها ، فرع قابليات الرجل الذي اختير لها أو الرجل الذي تغلّب عليها ، وأحياناً كان أفضل الناس قدسا ، كما كان في وقت آخر من أشد الناس تمردا على الدين والخلق الصحيح.
وهي من النوع الثاني وعلى نظرية النص منصب آلهي تجب له الطاعة ديناً ، كما تجب للنبي ، وما هي بهذا المعنى الا ظل النبوة بمعناها الذي يتصل بالسماء ، ولكنها انما تتصل بالسماء عن طريق النبي ، وهو مصدر روحيتها كما هو مصدر النص عليها.
__________________
١ ـ فالفريق الاول هم السنة ، والفريق الثاني هم الشيعة. ووافق الشيعة أكثرية المعتزلة فقالوا « لا امامة الا بالنص والتعيين ». يراجع « آراء المعتزلة السياسية » ( ص ١٥ ) ، مجلة الالواح ( ع ١١ س ١ ).