شيعة أبيه وشيعته ، وهم جماعة لا تقوم لاجناد الشام. فكتب اليه معاوية في الهدنة والصلح ، وانفذ اليه بكتب أصحابه الذين ضمنوا له فيها الفتك به وتسليمه اليه ، فاشترط له على نفسه في اجابته الى صلحه شروطا كثيرة ، وعقد له عقودا كان في الوفاء بها مصالح شاملة. فلم يثق به الحسن وعلم باحتياله بذلك ، واغتياله ، غير أنه لم يجد بدا من اجابته الى ما التمس من ترك الحرب وانفاذ الهدنة ، لما كان عليه أصحابه مما وصفناه من ضعف البصائر في حقه والفساد عليه والخلف منهم له ، وما انطوى عليه كثير منهم في استحلال دمه ، وتسليمه الى خصمه ، وما كان من خذلان ابن عمه له ، وميله الى عدوه ، وميل الجمهور منهم الى العاجلة وزهدهم في الآجلة .. ».
أقول :
ثم لا تجد في أكثر الموسوعات التاريخية الاخرى ، عرضا يحفل بشيء من التفصيل عن قضية الحسن عليهالسلام ، يشبه هذه العروض ، على ما بينها من تضارب في استعراض الحقائق التاريخية ، وعلى ما فيها من نقص في العرض وأختزال في التعبير.
فيرى أحدهم ـ كما رأيت ـ ان الذي طلب الصلح هو الحسن ، ويرى الاخر أنه معاوية ، ويرى بعضهم ان سبب طلبه الصلح أو قبوله اياه هو فتن الشام في المعسكرين [ مسكن والمدائن ] ، ثم يختلفون في نوع الفتنة. بينما يرى البعض الاخر ان سبب قبول الصلح من جانب الحسن هو تفرق الناس عنه بعد اصابته ومرضه. ويرى ثالث منهم أن السبب هو نكول الناس عن القتال معه كما يدل عليه جوابهم على خطبته « بالبُقيَة البُقيَة » وقولهم له صريحا « وأمض الصلح ». ويرى الرابع ، ان فرار قائده وخيانة اصحابه واستحلال بعضهم دمه وعدم كفاية الباقين للقتال ، هو السبب لقبوله الصلح.
ثم لا يزالون مختلفين في تسمية قائد المقدمة ، فيسميه أحدهم عبدالله ابن عباس ، ويسميه الثاني قيس بن سعد بن عبادة ، ويسميه الثالث عبيدالله