« أمير المؤمنين » على لسان مسلم (١) بن عقبة والمغيرة (٢) بن شعبة وعمرو (٣) بن العاص ، وهو المتنعم الدنيوي الذي « لم يبق شيء يصيبه الناس من
__________________
١ ـ هو صاحب واقعة الحرة في مدينة الرسول صلىاللهعليهوآله يوم أباحها ثلاثاً شر اباحة. وهو هادم الكعبة ( زادها اللّه شرفاً ) يوم رماها بالمنجنيق. وكان معاوية هو الذي نصح لابنه يزيد ، فيما مهد له من الأمور. بأن يولي « مسلماً » هذا. قال له : « ان لك من أهل المدينة ليوماً ، فان فعلوا فارمهم بمسلم بن عقبة فانه رجل قد عرفت نصيحته!!. »
« يراجع الطبري والبيهقي وابن الاثير ».
٢ ـ كان المغيرة [ فيما يحدثنا عنه البيهقي في المحاسن والمساوئ ] اول من رشي في الاسلام. وكان [ فيما يحدثنا به سائر مؤرخته ] الوسيط في قضية استلحاق زياد ـ رغم النواميس الاسلامية ـ. وكان السابق الى ترشيح يزيد بن معاوية للخلافة ، وهو الذي يقول في ذلك : « لقد وضعت رجل معاوية في غرز بعيد الغاية على أمة محمد ، وفتقت عليهم فتقاً لا يرتق أبداً!! .. » ـ. وكان هو الذي عناه حسان بن ثابت بقوله :
لو ان اللؤم ينسب
كان عبداً |
|
قبيح الوجه أعور
من ثقيف |
تركت الدين
والايمان جهلاً |
|
غداة لقيت صاحبة
النصيف |
وراجعت الصبا
وذكرت لهواً |
|
من الاحشاء والخصر
اللطيف |
٣ ـ نار على علم. اعتركت الدنيا والآخرة على قلبه ـ على حد تعبير غلامه « وردان » ـ فقدم الدنيا على الآخرة ، وشايع معاوية على أن تكون له مصر طعمة ، فلا ظفرت يد البائع وخزيت أمانة المبتاع.
روى ابن عبد ربه بسنده الى الحسن البصري قال : « علم معاوية واللّه ان لم يبايعه عمرو لم يتم له أمر ، فقال له : يا عمرو اتبعني. قال : لماذا؟ اللآخرة فواللّه ما معك آخرة ، أم للدنيا فواللّه لا كان حتى أكون شريكك فيها. قال : فانت شريكي فيها. قال : فاكتب لي مصر وكورها. فكتب له مصر وكورها. وكتب في آخر الكتاب : وعلى عمرو السمع والطاعة. قال عمرو : واكتب ان السمع والطاعة لا يغيران من شرطه شيئاً. قال معاوية : لا ينظر الى هذا. قال عمرو : حتى تكتب...!! ».
ورضي الصحابي المسن الذي مات في الثامنة والتسعين أن يختم هذا العمر المديد على مثل هذه المداورة الخبيثة في الدين ، وراح يقول غير مبال : « لولا مصر وولايتها لركبت المنجاة منها فاني أعلم ان علي بن أبي طالب على الحق ، وأنا على ضده! ».
اما بواكير حياته فكانت أبعد اثراً في النكاية بالاسلام ونبي الاسلام