__________________
(ص). وهو اذ ذاك أحد السهميين الذين ساهموا في فكرة قتل النبي (ص) ليلة الفراش في مكة. وهو « الابتر » المقصود بقوله تعالى « ان شانئك هو الابتر ». ثم كان بعد ذلك من المساهمين في التأليب على عثمان ، ولم يخرج الى فلسطين حتى نكأ القرحة كما قال هو عن نفسه يوم بلغه مقتل عثمان. والتحق اخيراً بمعاوية على هذه المساومة المفضوحة. ونجا من القتل المحقق في صفين بأشنع وسيلة عرفها التاريخ. ثم كان صاحب الفكرة في رفع المصاحف التي فتن بها المسلمين ونقض بها فتل الاسلام. وحضرته الوفاة فقال لابنه : « اني قد دخلت في أمور لا أدري ما حجتي عند اللّه فيها ». ثم نظر الى ماله فرأى كثرته فقال : « ياليته كان بعراً ، ياليتني مت قبل هذا بثلاثين سنة ، أصلحت لمعاوية دنياه وأفسدت ديني ، آثرت دنياي وتركت آخرتي ، عمي على رشدي حتى حضرني أجلي ». وخلف من المال ثلاثمائة الف دينار ذهباً ومليوني درهم فضة عدا الضياع. وكان رسول اللّه (ص) يقول فيه وفي معاوية : « انهما ما اجتمعا الا على غدر ». أخرج هذا الحديث كل من الطبراني وابن عساكر ، وأخرج أحمد وأبو يعلى في مسنديهما عن أبي برزة قال : « كنا مع النبي (ص) فسمع صوت غناء فقال : انظروا ما هذا. فصعدت فاذا معاوية وعمرو بن العاص يتغنيان فجئت فأخبرت النبي (ص) فقال : اللهم أركسهما في الفتنة ركساً. اللهم دعهما في النار دعاً ». وعن تطهير الجنان لابن حجر : « أن عمراً صعد المنبر فوقع في علي ثم فعل مثله المغيرة بن شعبة ، فقيل للحسن : اصعد المنبر لترد عليهما ، فامتنع الا أن يعطوه عهداً انهم يصدقونه ان قال حقاً ويكذبونه ان قال باطلاً فأعطوه ذلك ، فصعد المنبر ، فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال : انشدك اللّه يا عمرو ويا مغيرة ، أتعلمان ان رسول اللّه لعن السائق والقائد أحدهما فلان ـ يعني معاوية ـ ، قالا : بلى ، ثم قال : أنشدك اللّه يا معاوية ويا مغيرة ألم تعلما ان النبي لعن عمراً بكل قافية قالها لعنة ، فقالا : اللهم بلى ، ثم قال : أنشدك اللّه يا عمرو ويا معاوية الم تعلما ان النبي لعن قوم هذا ـ يعني المغيرة ـ قال الحسن فاني احمد اللّه الذي جعلكم فيمن تبرأ من هذا ـ يعني علياً ـ ». وكان ابن العاص هذا ، هو الذي عناه الصحابي الكريم عمار بن ياسر (رض) بقوله للمجاهدين في صفين : « أتريدون ان تنظروا الى من عادى اللّه ورسوله وجاهدهما ، وبغى على المسلمين وظاهر المشركين ، فلما رأى اللّه عز وجل يعز دينه ويظهر رسوله صلى اللّه عليه وسلم ، أسلم وهو فيما نرى راهب غير راغب. ثم قبض اللّه رسوله (ص) فواللّه أن زال بعده معروفاً بعداوة المسلم وهوادة المجرم. فاثبتوا له وقاتلوه ، فانه يطفئ نور اللّه ويظاهر أعداء اللّه عز وجل!! » ( الطبري ، ابن أبي الحديد ، المسعودي ، وغيرهم ).