خطبته ولم يقل شيئاً من سب أبي تراب كعادته ، فتصايح الناس من كل جانب : ويحك ويحك السنة السنة ، تركت السنة! (١) ».
ثم كانت « سنّة معاوية » هي الاصل التاريخي لتكوين هذه الكلمة تكويناً اصطلاحياً آخر ، تناسل مع الاجيال ، وتنوسيت معه مناسباته السياسية الاولى.
وانتباهة منصفة في تناسق نفسيات الرجل ، تغنيك عن استعراض أمثلة كثيرة من أعماله في هذا السبيل ..
وبعد هذا ، فما ظنك بمعاوية لو قدّر له الظفر في حربه مع الحسن ، وقدّر للحسن الشهادة في الحرب؟.
أفكان من سوابق الرجل هذه ، ما يدل على أنه سيلزم جانب الاعتدال والقصد ، في استغلال انتصاره تجاه فلول الحرب من شيعة الحسن والبقية الباقية من الثابتين على العقيدة والايمان؟ أم أن موجة ابادة ساحقة ستكون هي عنوان علاقاته بهؤلاء ، بعد موقفه الصريح من السلالة النبوية نفسها ، وبعد أن يكون قد طحن في هذه الحرب أكبر رأس في البيت النبوي العظيم.
ان معاوية سوف لا يتقي بعد ذلك أحداً. وانه سوف لا يتردد سياسياً ، ولا يتورع ديناً ، من أن يمضي قدماً في تصفية حسابه مع المبدأ الذي أقض مضجعه وأكل قلبه وهزئ بكيانه ، منذ ولي عليّ الخلافة ، بل منذ طلعت الهاشمية بالنور على الدنيا ، بل منذ هزمت المنافرة أمية الى الشام.
وما كان معاوية بالذي يعجز عن وضع « تدابير محبوكة » أخرى لعملية محق الشيعة ، بعد مقتل الحسن ، يحتال بها على المغرورين بزعامته من الجيل الذي شدّ أزره على اصطناع ما أتاه من مخالفات.
__________________
١ ـ « الاسلام بين السنة والشيعة » ( ص ٢٥ ).