١ ـ تصريحات الفريقين :
ويكفينا الآن من تصريحات معاوية بعد الصلح ، فيما يمتّ الى معاهدته مع الحسن عليهالسلام قوله فيما يرويه عنه كثير منهم ابن كثير (١) : « رضينا بها ملكاً » ، وقوله في التمهيد لهذه المعاهدة ـ قبل الصلح ـ فيما كان يراسل به الحسن : « ولك أن لا يستولى عليك بالاساءة ولا تقضى دونك الامور ولا تعصى في أمر (٢) ».
ويكفينا من تصريحات الحسن (ع) ما قاله أكثر من مرة في سبيل افهام شيعته حيثيات صلحه مع معاوية : « ما تدرون ما فعلت واللّه للذي فعلت خير لشيعتي مما طلعت عليه الشمس ». وما قاله مرة أخرى لبشير الهمداني وهو احد رؤساء شيعته في الكوفة : « ما أردت بمصالحتي الا ان أدفع عنكم القتل (٣) » ، وما قاله في خطابه ـ بعد الصلح ـ : « أيها الناس ان اللّه هداكم بأوّلنا ، وحقن دماءكم بآخرنا ، وقد سالمت معاوية ، وان أدري لعله فتنة ومتاع الى حين (٤) ».
وليس في شيء من هذه التصريحات ولا في الكثير مما جرى على نسقها ، سواء من معاوية أو من الحسن عليهالسلام ، ما يستدعينا الى الالتواء في فهم العقد القائم بينهما ، الذي لم يقصد منه الا الاهداف التي أشرنا اليها آنفاً. فلمعاوية طموحه الى الملك ، وللحسن خطته في حماية الشيعة من القتل ، وصيانة المبادئ الدينية التي هي خير مما طلعت عليه الشمس ، والمسالمة الى حين.
ولا بدع ـ بعد هذا ـ في تقرير هذه الحقيقة على واقعها ، وفي التنبيه الى جنف كثير من المؤرخين فيما حرّفوا من أهداف كل من المتعاقدين ، وفيما أساءوا فهمه من نصوصهما. ولقد ترى ، ان المعاهدة نفسها
__________________
١ ـ في تاريخه ( ج ٦ ص ٢٢٠ ).
٢ ـ ابن ابي الحديد ( ج ٤ ص ١٣ ).
٣ ـ الدينوري ( ص ٢٠٣ ).
٤ ـ اليعقوبي ( ج ٢ ص ١٩٢ ).