ثم مشى موكب الزمان بتاريخ معاوية ، فاذا به المثال الذي يضربه فقهاء المذاهب الاربعة ، للسلطان الجائر (١) ..
واذا به الباغي الذي يجب قتاله برأي أبي حنيفة النعمان بن ثابت (٢).
فأين الخلافة المزعومة ، ياترى؟.
وجاء المعتضد العباسي ، فنشر من جديد فعال معاوية وبوائقه الكبرى وما قيل فيه ، وما روي في شأنه. ودعا المسلمين الى لعنه ، في مرسوم ملكي اذيع على الناس سنة ٢٨٤ للهجرة (٣).
وقال الغزالي بعد ذكره لخلافة الحسن بن علي (ع) : « وأفضت الخلافة الى قوم تولوها بغير استحقاق (٤) ».
وكان أروع ما ذكره به القرن السادس ، قول نقيب البصرة فيه : « وما معاوية الا كالدرهم الزائف (٥) ».
وصرّح ابن كثير بنفي الخلافة عن معاوية استناداً الى الحديث ، قال : « قد تقدم أن الخلافة بعده عليهالسلام ثلاثون سنة ، ثم تكون ملكاً ، وقد انقضت الثلاثون بخلافة الحسن بن علي ، فأيام معاوية أول الملك (٦) ».
وقال الدميري المتوفى سنة ٨٠٨ هجري بعد ذكره مدة خلافة الحسن (ع) : « وهي تكملة ما ذكره رسول اللّه صلى اللّه عليه ( وآله ) وسلم من مدة
__________________
١ ـ وذلك في اتفاقهم على جواز تقلد القضاء من السلطان الجائر ، استناداً الى عمل الصحابة في تقلدهم القضاء من معاوية.
٢ ـ قال أبو حنيفة : « أتدرون لم يبغضنا أهل الشام؟ ». قالوا : « لا ». قال : « لانا نعتقد أن لو حضرنا عسكر علي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه ، لكنا نعين علياً على معاوية ، ونقاتل معاوية لاجل علي ، فلذلك لا يحبوننا ». يراجع النصائح الكافية لابن عقيل ( ص ٣٦ ) فيما يرويه عن أبي شكور في كتابه « التمهيد في بيان التوحيد ».
٣ ـ نجد نص المرسوم على طوله في تاريخ الطبري ( ج ١١ ص ٣٥٥ ).
٤ ـ دائرة معارف القرن العشرين لفريد وجدي ( ج ٣ ص ٢٣١ ).
٥ ـ ابو جعفر النقيب ( ص ٤١ ـ طبع بغداد ).
٦ ـ البداية والنهاية ( ج ٨ ص ١٩ ).