الى مختلف الآراء وشتى التحزّبات ، بين المجتمع الواحد وفي الافق الواحد والدين الواحد ، ذلك لان مراجع هذا التاريخ أنفسهم ، كانوا يعيشون تحت تأثير آراء وتحزبات لا معدى لهم عنها في مثل عصورهم. ومن الصعب جداً أن يطيق كاتب ما يومئذ التحلل ـ فيما يكتب ـ من المؤثرات العاطفية التي تشترك في تكوينه أدبياً وفي تدوير أعماله ومصالحه اجتماعياً. ومن هنا كان هذا القلق الملموس ـ المأسوف عليه ـ في كثير من موضوعات التاريخ الاسلامي.
ومن الحق أن نعتقد هنا ، بأن قصة « البيعة » التي طعنت بها قضية الحسن في صلحه مع معاوية ، انما كانت وليدة تلك المؤثرات التي كتب المؤرخون تحت تأثيرها تواريخهم ، فرأوا من الدعاوات المغرضة لتسجيل هذه القصة كحقيقة واقعة ما يحفزهم الى حسن الاحتذاء ، تطوعاً للمنفعة العاجلة أو جهلاً بالواقع ، ورأوا من التصريح « بتسليم الامر » في صلب المعاهدة ما يسوّغ لهم ـ أو قل ـ ما ييسر لهم التوسع الى ادعاء الاعتراف بالخلافة ، ثم الى ادعاء الانقياد بالبيعة!!. وخفي عليهم ان الخلافة ـ بما هي منصب الهي ـ لا يمكن ان تنقاد الى مساومة أو تسليم ، ولا يمكن ان تمسها الظروف الزمنية في « صلح » أو « تحكيم ».
ولكي نزداد بصيرة في تفهم معنى « تسليم الامر » الوارد في المادة الاولى من معاهدة الصلح ، علينا أن نرجع الى طريقتنا في استنتاج الحدّ بين هزل المؤرخين فندرس على المتعاقدين أنفسهما تفسير هذا المجمل من حيث التقييد والاطلاق.
٣ ـ تسليم الامر :
علمنا ـ مما تقدم ـ أن معاوية قال لابنه يزيد ، وهو يشير الى أهل البيت عليهمالسلام : « ان الحق حقهم ».
وعلمنا انه كتب الى الحسن في التمهيد للصلح « ولا تقضى دونك الامور ولا تعصى في أمر ».