المتعاقدين في المعاهدة. ولما مرّ البحاثة الاسلامي الجليل السيد أمير علي الهندي رحمهالله ، على ذكر هذا الصلح عبّر عنه « بالتنازل عن الحكم (١) ».
وكان فيما قاله الحسن عليهالسلام في سبيل التعبير عن صلحه مع معاوية جواباً لبعضهم : « لا تقل ذلك يا أبا عامر ، لم أذل المؤمنين ولكني كرهت أن أقتلهم على الملك (٢) ».
وقال لآخر : « أضرب هؤلاء بعضهم ببعض في ملك من ملك الدنيا لا حاجة لي به (٣) ».
وهكذا نجد الفريقين ـ الحسن ومعاوية ـ يتفقان على أن الحرب التي زحفا اليها بجيوشهما ، انما كانت حرباً على الملك. ومعنى ذلك أن الصلح الذي اتفقا عليه في معاهدتهما ، انما كان صلحا على الملك ، لانهما يصطلحان اليوم على ما تنازعا عليه أمس. وليس في وجهة النظر القائمة بين الاثنين في خلال هذه التصريحات ولا يوم صلحهما ، ذكر للخلافة تسلّماً ولا تسليماً.
ثم نجدهما يتفقان في هذه التصريحات ، على ايثار أحدهما دون الآخر بالمركز الذي لا تقضى دونه الامور .. وهو المركز الذي سوّغ للحسن أن يقول عن معاوية كما لو قلده عملاً من اعماله وهو اذ ذاك حاضر مجلسه : « انه أعرف بشأنه وأشكر لما ولّيناه هذا الامر (٤) » يعني امر الملك.
أقول : وكم هو الفرق بين هذا المركز وبين ما توهمه المتحذلقون من حديث البيعة أو من تفسير تسليم الامر بتسليم الخلافة؟.
وكانت فيما نظن غلطة سبق اليها كاتب عن قصد ، ثم أخذها عنه
__________________
١ ـ مختصر تاريخ العرب والتمدن الاسلامي ( ص ٦١ ).
٢ ـ ابن كثير ( ج ٨ ص ١٩ ) ، واعيان الشيعة ( ج ٤ ص ٥٢ ) ، والمستدرك للحاكم.
٣ ـ الاصابة ( ج ٢ ص ١٢ ).
٤ ـ المحاسن والمساوئ للبيهقي ( ج ١ ص ٦٤ ).