الذي كان يكبر الحسن زهاء ثلاثة عقود ، فكان من المتوقع القريب أن يسبقه الى الموت ، وأن يعود الحق الى نصابه ، والحسن بعدُ في أوائل كهولته أو اواخر شبابه ، لولا أن للخطط الجهنمية حساباً لا يخضع للمقاييس!!.
وظلت المادة الصريحة باستحقاق الحسن الامر بعد معاوية ، أبرز مواد المعاهدة في المجتمعات الاسلامية ، وأكثرها ذيوعاً بين الناس ، مدى عقد كامل من السنين. ثم طغت عليها الدعاوات العدوة ، وأخذها حملة الاخبار الى مصانعهم الجديدة ، فبدلوا من معالمها وغيروا من حقائقها ، وصاغها بعضهم بقوله : « ليس لمعاوية أن يعهد الى أحد ». وتلطف آخر بها من عنده فقال : « ويكون الامر بعده شورى بين المسلمين ». ـ أما الصادقون فرووها على حقيقتها. وفات المؤرخين المحترفين ، أن صرف الحقيقة عن واقعها في هذا النص ، لن يجديهم في صرف الواقع عن حقيقته في مرحلة التطبيق ، فلم يكن من المحتمل عادة ، أن يتجاوز المسلمون ـ في شوراهم أو في غير شوراهم ـ ابن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لو قدر له أن يكون حياً يوم يموت معاوية ، وقدّر للمسلمين أن يختاروا الخليفة أحراراً ، أو يتشاوروا أمرهم مختارين. فالروايتان ـ الصحيحة والمحرفة ـ بل الصور الثلاث المزعومة للرواية الواحدة ، تتحد عملياً ما دام الحسن حياً.
اذاً ، فلماذا التهرب من أمانة التاريخ الا أن يكون تعاوناً رخيصاً مع السلطة القائمة على التمهيد لبيعة يزيد؟!!.
وخيل للمؤرخ البارع الذي الغى التعيين الصريح ، ونقل الامر الى الشورى ، أنه أحسن اتخاذ الاسلوب للوضع والتحريف ، وخفي عليه ، أنه لم يزد فيما هدف اليه على صاحبه الذي الغاهما معاً ، وذلك لان الشورى التي عناها لا تكون في انتخاب الخليفة ، وانما تكون في الشؤون التي يديرها الخليفة أو رئيس المسلمين من أمورهم ، وهكذا كان تشريعها الاول يوم