المغلوب!!.
ونودي في الناس الى المسجد الجامع ، ليستمعوا هناك الى الخطيبين الموقعين على معاهدة الصلح.
وكان لابد لمعاوية أن يستبق الى المنبر ، فسبق اليه وجلس عليه (١) ، وخطب في الناس خطبته الطويلة التي لم ترو المصادر منها الا فقراتها البارزة فحسب.
منها ( على رواية اليعقوبي ) :
« أما بعد ذلكم ، فانه لم تختلف أمة بعد نبيها ، الا غلب باطلها حقها!! » ـ قال : « وانتبه معاوية لما وقع فيه. فقال : الا ما كان من هذه الامة ، فان حقها غلب باطلها (٢)!! ».
ومنها ( على رواية المدائني ) :
« يا أهل الكوفة ، أترونني قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحج وقد علمت أنكم تصلون وتزكون وتحجون؟ ، ولكني قاتلتكم لأتأمر عليكم وألي رقابكم ، وقد آتاني اللّه ذلك وانتم كارهون!. ألا ان كل دم أصيب في هذه الفتنة مطلول ، وكل شرط شرطته فتحت قدميّ هاتين!!. ولا يصلح الناس الا ثلاث : اخراج العطاء عند محله ، واقفال الجنود لوقتها ، وغزو العدو في داره ، فان لم تغزوهم غزوكم ».
وروى أبو الفرج الاصفهاني عن حبيب بن أبي ثابت مسنداً ، أنه ذكر في هذه الخطبة علياً فنال منه ، ثم نال من الحسن (٣)!!.
__________________
١ ـ قال جابر بن سمرة : « ما رأيت رسول اللّه يخطب الا وهو قائم ، فمن حدثك أنه خطب وهو جالس فكذبه » رواه الجزائري في آيات الاحكام ( ص ٧٥ ) ، والظاهر أن معاوية أول من خطب وهو جالس.
٢ ـ تاريخ اليعقوبي ( ج ٢ ص ١٩٢ ).
٣ ـ شرح النهج ( ج ٤ ص ١٦ ).