فضل يزيد!! .. فلما اجتمعت عند معاوية وفود الامصار ، وفيهم الاحنف بن قيس الفهري ، فقال له : اذا جلست على المنبر ، وفرغت من بعض موعظتي وكلامي فاستأذن للقيام فاذا أذنا لك ، فاحمد اللّه تعالى واذكر يزيد ، وقل فيه الذي يحق له من حسن الثناء عليه!! .. ثم ادعني الى توليته!. ثم دعا عبد الرحمن بن عثمان الثقفي وعبيد اللّه بن مسعدة الفزاري وثور بن معن السلمي وعبد اللّه بن عصام الاشعري ، فأمرهم ان يقوموا اذا فرغ الضحاك ، وان يصدقوا قوله!! فقام هؤلاء النفر خطباء يشيدون بيزيد!! .. الى أن قام الاحنف بن قيس [ ولم يكن من الممثلين الذين رتبهم معاوية لهذه الرواية ] فقال :
« أصلح اللّه الامير ، ان الناس قد أمسوا في منكر زمان قد سلف ، ومعروف زمان مؤتنف ، وقد حلبت الدهور وجربت الامور ، فاعرف من تسند اليه الامر بعدك ، ثم اعص من يأمرك ، ولا يغررك من يشير عليك ولا ينظر اليك ، مع أن أهل الحجاز وأهل العراق ، لا يرضون بهذا ، ولا يبايعون ليزيد ما دام الحسن حياً ».
ثم أردف قائلاً :
« وقد علمت يا معاوية ، أنك لم تفتح العراق عنوة ، ولم تظهر عليه مقصاً ، ولكنك أعطيت الحسن بن علي من عهود اللّه ما قد علمت ، ليكون له الامر من بعدك (١). فان تف فأنت أهل الوفاء ، وان تغدر تظلم. واللّه ان وراء الحسن خيولاً جياداً ، وأذرعاً شداداً ، وسيوفاً حداداً. وان تدن له شبراً من غدر ، تجد وراءه باعاً من نصر. وانك تعلم من أهل العراق ، ما أحبوك منذ أبغضوك ، ولا أبغضوا علياً وحسناً منذ أحبوهما ، وما نزل
__________________
١ ـ واخطأ فهم هذه الحقبة من الزمن كثير ممن كتب عنها ، فقال حسن مراد في « الدولة الاموية » ( ص ٧٠ ) : « ومن هنا نرى أن عهد معاوية بالخلافة لابنه يزيد على ما سيجيء لم يكن انتقالاً غير منتظر!! ». وقد عرفت من كلام الاحنف هنا ومن كلامنا في البحوث الآنفة أنه كان انتقالاً غير منتظر.