اليه ثم القدوم على اللّه وعلى نبيه وعلى وصيّه أحبّ الينا من دخول النار ».
وحفرت القبور ، وقام حجر وأصحابه يصلون عامة الليل ، فلما كان الغد قدموهم ليقتلوهم فقال لهم حجر : « اتركوني اتوضأ وأصل فاني ما توضأت الا صليت ». فتركوه فصلى ثم انصرف ، وقال : « واللّه ما صليت صلاة أخفّ منها ، ولولا أن تظنوا فيّ جزعاً من الموت لاستكثرت منها ».
ثم قال : « اللهم انا نستعديك على أمتنا ، فان اهل الكوفة شهدوا علينا ، وان أهل الشام يقتلوننا ، أما واللّه لئن قتلتموني بها ، فاني لاول فارس من المسلمين هلك في واديها ، وأول رجل من المسلمين نبحته كلابها (١) ».
ثم مشى اليه هدبة بن فياض القضاعي بالسيف ، فارتعد ـ فقالوا له : « زعمت أنك لا تجزع من الموت ، فابرأ من صاحبك وندعك!! ».
فقال : « مالي لا أجزع وأرى قبراً محفوراً ، وكفناً منشوراً ، وسيفاً مشهوراً ، واني واللّه ان جزعت من القتل ، لا أقول ما يسخط الرب! ».
وشفع في سبعة من أصحاب حجر ذوو حزانتهم من المقربين لدى معاوية في الشام.
وعرض الباقون على السيف ، وقال حجر في آخر ما قال : « لا تطلقوا عني حديداً ، ولا تغسلوا عني دماً ، فاني لاق معاوية غداً على الجادة واني مخاصم ». وذكر معاوية كلمة حجر هذه فغصّ بها ساعة هلك ـ معاوية ـ فجعل يغرغر بالصوت ويقول : « يومي منك يا حجر يوم طويل ».
فاجعته في المسلمين
حج معاوية بعد قتله حجراً وأصحابه فمر بعائشة « واستأذن عليها
__________________
١ ـ ابن الاثير ( ج ٣ ص ١٩٢ ) وقال ابن سعد ومصعب الزبيري فيما رواه الحاكم عنه عند ذكر حجر : « وقتل بمرج عذراء بامر معاوية وكان حجر هو الذي افتتحها فغدر بها ». أقول : وهو معنى قوله هنا : « وأول رجل من المسلمين نبحته كلابها » يعني يوم فتحها.